رغم الحظر الدولي.. إيران تفرض تدريبات عسكرية على تلاميذ المدارس

رغم التزامات طهران الدولية بحظر استخدام الأطفال في الأمور العسكرية، أعلن علي رضا كاظمي، وزير التربية والتعليم الإيراني، أن التدريبات العسكرية ستكون إلزامية على تلاميذ المدارس.

رغم التزامات طهران الدولية بحظر استخدام الأطفال في الأمور العسكرية، أعلن علي رضا كاظمي، وزير التربية والتعليم الإيراني، أن التدريبات العسكرية ستكون إلزامية على تلاميذ المدارس.
وقال كاظمي، يوم الإثنين 18 أغسطس (آب)، رداً على سؤال حول جعل التدريبات العسكرية إلزامية في المدارس: "كل من ينشط في إطار النظام يجب أن يكون على دراية بالدفاع المدني ومواضيع التعليم الدفاعي".
ووفقًا لقول كاظمي، "يمكن تصميم هذه التدريبات في أشكال وفترات زمنية مختلفة، ويجب على كل فرد ملزم بخدمة الجندية في المستقبل أن يكون على دراية مسبقة بالتدريبات العسكرية الأولية".
يذكر أن الخدمة العسكرية في إيران إلزامية للرجال.
وأضاف وزير التربية والتعليم أنه لم يتم بعد وضع محتوى محدد لهذا البرنامج، لكنه قال: "يمكن تقديم هذه التدريبات للتلاميذ خلال فترة حوالي أسبوعين وفي أشكال متنوعة".
واستنكر موقع "هرانا" الحقوقي هذا القرار، مؤكدًا أن اتفاقية حقوق الطفل، التي انضمت إليها إيران، تمنع استخدام الأفراد دون سن 18 عامًا في الأنشطة العسكرية، وأشار إلى أن إلزام المراهقين بالتدريبات العسكرية يُعدّ خرقًا لهذا الالتزام الدولي.
ووفقًا لاتفاقية حقوق الطفل، يُعتبر كل فرد دون سن 18 عامًا "طفلًا"، ويُمنع استخدامه في الأنشطة العسكرية.
وانضمت إيران إلى هذه الاتفاقية في عام 1994 وتعهدت بالامتناع عن استخدام الأطفال والمراهقين في الأنشطة العسكرية.
ومع ذلك، فإن إعلان جعل التدريبات العسكرية إلزامية في المدارس يُظهر أن إيران، مثلما فعلت في حالات مثل عمل الأطفال، وعقوبات وإعدام المراهقين، وزواج الأطفال، واستخدام الأطفال لقمع الاحتجاجات الشعبية، وإرسالهم إلى ميادين الرماية للتدريب على استخدام الأسلحة ضمن دروس الاستعداد الدفاعي، وإرسال الطلاب إلى معسكرات تُعرف باسم "راهيان نور" في مناطق الحرب، قد تجاهلت مرة أخرى جزءًا من التزاماتها الدولية.
وحذر خبراء حقوق الطفل والناشطون المدنيون مرارًا من أن مثل هذه الإجراءات لا تنتهك فقط الالتزامات الدولية لإيران، بل تحمل خطر تطبيع وجود الأطفال في الهياكل العسكرية والأمنية، مما قد يتسبب في أضرار نفسية واجتماعية خطيرة لجيل المراهقين.


أصدرت محكمة الثورة في طهران حكمًا يقضي بسجن هستی أميري، الطالبة في جامعة "علامة"، لمدة ثلاث سنوات إضافة إلى غرامة مالية قدرها 53 مليونًا و300 ألف تومان (نحو 500 دولار). بسبب معارضة أميري لعقوبة الإعدام وظهورها في الأماكن العامة دون الحجاب الإجباري.
وأعلنت أميري، الإثنين 18 أغسطس (آب) عبر حسابها على "إنستغرام" أن الحكم صدر غيابيًا بحقها من قبل إيمان أفشاري، رئيس الفرع 26 لمحكمة الثورة في طهران، وتم إبلاغها به رسميًا.
ووفق نص الحكم، أدينت أميري بتهمة "نشر الأكاذيب بقصد تضليل الرأي العام" بالسجن سنتين مع غرامة مالية قدرها 50 مليون تومان. كما حكم عليها بالسجن سنة أخرى بتهمة "الدعاية ضد النظام"، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 3 ملايين و300 ألف تومان بتهمة "الظهور في الأماكن العامة من دون الحجاب الشرعي".
وشمل الحكم أيضًا عقوبات تكميلية منها: حظر السفر إلى خارج البلاد لمدة سنتين، ومنعها من الانضمام إلى أي مجموعات أو تجمعات سياسية واجتماعية.
سجل من الاعتقالات السابقة
كانت أميري قد تعرضت في السنوات الماضية للاعتقال والسجن عدة مرات بسبب أنشطتها المدنية، ومنها احتجاجها على الهجمات الكيميائية وحوادث التسميم المتسلسل للتلميذات في المدارس، إلى جانب نشاطها ضد عقوبة الإعدام ومشاركتها في فعاليات يوم المرأة العالمي (8 مارس/آذار).
في تعليقها على الحكم، كتبت أميري على "إنستغرام": "تفاصيل الملف والأدلة بلا قيمة، حتى بالنسبة للقاضي، فالحكم ما هو إلا نسخة مطابقة لقرار الإحالة إلى المحاكمة، وربما للتقرير النهائي الصادر عن جهاز الأمن (وزارة الاستخبارات). لكن اللافت أن هذا الجهاز الأمني الضخم وقع في تناقض مع نفسه".
وأضافت: "قالوا لي إن قولك إن "كل إعدام هو إعدام سياسي" يُعتبر تقليلًا من شأن عقوبة الإعدام، وهذا يُصنف ضمن الدعاية ضد النظام. أي أن الحديث عن الإعدام يُعتبر مساسًا بكيان النظام نفسه ويستوجب العقوبة. ولهذا أقول بوضوح: كل إعدام سياسي، وهو أداة بيد السلطة الاستبدادية لفرض هيبتها".
وتابعت: "عندما يُعتبر مجرد إعلان رفض الإعدام وذكر أسبابه بمثابة "دعاية ضد النظام"، فهذا اعتراف من الحُكم نفسه بأن الإعدام أداة سياسية للترهيب، ولا يُسمح بكشفه أو الحديث عنه".
وأشارت إلى أن المحكمة اعتبرت حديثها عن أوضاع السجون وسجن إيفين جزءًا من نشر الأكاذيب، مضيفة: "الحديث عن أوضاع المرضى في السجن، أو عن العيادة، أو عن الطعام وظروف الاحتجاز في السجون كافٍ ليدرك الجميع ما يجري خلف القضبان".
نضال من أجل قيم إنسانية
وأكدت أميري أن معارضتها لعقوبة الإعدام جزء من نضالها من أجل القيم الإنسانية والجماعية.
وأوضحت أنها شاركت خلال الفترة الماضية في حملة "ثلاثاء لا للإعدام" وسعت إلى نقل معاناة السجناء المحكومين بالإعدام، مؤكدة: "على الإنسان أن يسأل نفسه يوميًا: إلى أي مدى تقدم في النضال من أجل مبادئه، ومن أجل رفاقه السجناء، ومن أجل الأرواح المهددة بالإعدام؟ أؤمن بأن يومًا ما سنحرق جميع حبال المشانق وأعواد الإعدام".
يأتي هذا الحكم بينما سبق أن أصدرت المحاكم الإيرانية العام الماضي حكمًا بالسجن لمدة عام بحق الناشط الطلابي خشايار سفيدي، بسبب احتجاجه على حكم الإعدام الصادر بحق مغني الراب المعارض توماج صالحي، وذلك بتهمة "الدعاية ضد النظام".

أفادت معلومات وصلت إلى "إيران إنترناشيونال" أن مسؤولي سجن "قرجك" في إيران يواصلون رفض نقل السجينات المريضات إلى المراكز العلاجية، على الرغم من تسجيل عدة حالات وفاة لسجينات خلال الأشهر الماضية، ويطالبون السجينات بدفع أموال مقابل تقديم الخدمات ونقلهن للمستشفى.
ويُدرج سجن النساء في قرجك دائمًا ضمن قائمة أسوأ السجون في إيران بالنسبة للسجينات، ومع نشر تقارير عديدة عن تجاهل الحقوق الأساسية للسجينات في هذا السجن، يستمر مسؤولو السجن في إهمال حياة وسلامة السجينات.
وخلال الأشهر الماضية، سُجلت عدة حالات وفاة لسجينات في هذا السجن نتيجة الحرمان المتعمد من الخدمات الطبية العاجلة، وقد ذُكرت أسماء بعضهن مثل عاطفة بنائي وفرزانة بيجني بور في وسائل الإعلام؛ وهما سجينتان اتهمهما مسؤولو السجن بالتظاهر بالمرض رغم حالتهما الصحية الخطيرة، مما أدى إلى وفاتهما في النهاية.
كما أشارت تقارير واردة إلى وقوع حالات مماثلة أخرى في هذا السجن دون أن يتم الإبلاغ عنها في وسائل الإعلام، حيث مرت في صمت إعلامي.
المال مقابل العلاج
وأوضحت التقارير الواردة من مصادر داخل سجن قرجك إلى أن مسؤولي العيادة الطبية في السجن يواصلون إظهار إهمال مستمر في تقديم الخدمات العلاجية، مما يعرض حياة العديد من السجينات لخطر الموت. ووفقًا للمعلومات الواردة، فإن الممرضة التي تم تعيينها حاليًا كرئيسة للعيادة الطبية في سجن قرجك تطالب السجينات المريضات بدفع أموال مقابل الخدمات قبل الموافقة على نقلهن إلى المراكز العلاجية لإجراء الفحوصات الضرورية.
يأتي هذا في حين أن العديد من النساء المحتجزات في هذا السجن لا يتلقين أي دعم مالي من عائلاتهن أو أقاربهن خارج السجن.
من ناحية أخرى، وفقًا للائحة تنظيم السجون، فإن مسؤولية الحفاظ على صحة وسلامة السجينات تقع على عاتق سلطات السجن؛ لكن مسؤولي هذا السجن طالبوا حتى بعض السجينات اللواتي يواجهن مخاطر النوبات القلبية ومشكلات صحية خطيرة بدفع مبالغ مالية قبل نقلهن إلى المراكز العلاجية.
وتشير المعلومات الواردة إلى أنه في بعض الحالات، تم إعادة السجينات اللواتي لم يملكن القدرة المالية لدفع المبلغ المطلوب إلى العنابر في حالة صحية وخيمة.
كما تواجه السجينات السياسيات، اللواتي تم نقلهن إلى قسم الحجر الصحي في سجن قرجك بعد الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين، مشكلات عديدة في هذا السجن ويتم الاحتفاظ بهن في ظروف غير مناسبة.
وسبق أن أفادت "إيران إنترناشيونال" عن إهمال مسؤولي سجن قرجك لمشكلات السجينات وعدم احترام حقوقهن الإنسانية.
وتُظهر التقارير الجديدة أن سجن قرجك في ورامين ليس فقط أحد أكثر السجون سوءًا في إيران بالنسبة للسجينات، بل إن استمرار سياسة "المال مقابل العلاج" يعرض حياة أكثر من 1200 سجينة محتجزة في هذا السجن للخطر بشكل متزايد يومًا بعد يوم.

ذكرت صحيفة "شرق" الإيرانية أنّ ملفات القضايا الخاصة بالمعلمين المحتجّين ما زالت مفتوحة في المحاكم وداخل وزارة التربية.
وقال المتحدث باسم المجلس التنسيقي للنقابات المهنية للمعلمين، محمد حبيبي، إنّ حكومة مسعود بزشكيان لم تستطع إحداث أي تغيير في سياسات التعامل مع المطالب النقابية للمعلمين.
وأوضح حبيبي، يوم الاثنين 18 أغسطس (آب)، للصحيفة أنّه لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المعلّمين، الذين فُصلوا من وزارة التربية بعد احتجاجات عام 2021، مشيرًا إلى أنّ كثيرًا منهم يفضّلون عدم الكشف عن أوضاعهم للإعلام.
وأضاف أنه في التجمّع الذي أُقيم بمناسبة يوم المعلّم، اعتُقل عدد من المعلمين في طهران، وأُفرج عنهم لاحقًا بكفالة، فيما ينتظرون الآن محاكمتهم. كما لفت إلى أنّ معلمين ونشطاء نقابيين في المحافظات أيضًا تمّت دعوتهم للتحقيق، بل واعتقالهم لساعات.
وأكد هذا الناشط النقابي أنّ حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، لم تُغيّر شيئًا في تعاملها مع النقابات المستقلة، ولم توجّه أي دعوة للاستماع إلى انتقاداتها أو مطالبها.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصدر اتحاد نقابات المعلمين في إيران بيانًا اتهم فيه حكومة بزشكيان، التي جاءت إلى السلطة بوعود "إصلاح السياسات" و"إحداث تغيير في التربية والتعليم"، بالاستمرار في قمع النشطاء النقابيين للمعلمين.
كما سبق لمجلس تنسيق نقابات المعلمين أن أدان تزايد وتيرة القمع ضد المعلمين والنشطاء النقابيين في البلاد، مشيرًا إلى الاستدعاءات والاعتقالات وإصدار أحكام بالسجن والطرد من العمل والتقاعد القسري كأمثلة على ذلك.
وبالتزامن مع خطاب بزشكيان في افتتاح المؤتمر الثامن والثلاثين لمديري التربية في إيران، نشرت صحيفة "شرق" تقريرًا أكّدت فيه أنّ القمع ضد المعلمين والنشطاء النقابيين ما زال مستمرًا.
وقال بزشكيان في كلمته: "لا يمكن إصلاح البلاد بالشعارات، ولا بتوجيه الادعاءات، ولا يمكن تغيير السلوك بالقوة".
وفي تقريرها، نقلت الصحيفة عن عدد من المعلمين، الذين واجهوا أحكامًا بالسجن والطرد، أنّهم لم يقوموا سوى بأنشطة نقابية وقانونية، لكن السلطات وجّهت إليهم اتهامات أخرى.
ومن بين هذه القضايا: احتجاج معلمي محافظة فارس في مايو (أيار) 2021، حيث اعتُقل عدد منهم. وكان من بينهم أفشين رزمجوي، معلّم متقاعد من شيراز، الذي حُكم عليه أولًا بالسجن 5 سنوات بتهمة "العمل ضد أمن الدولة"، قبل أن يُخفَّض الحكم في الاستئناف إلى عامين.
ونُقل رزمجوي في نوفمبر 2023 إلى سجن عادل آباد في شيراز، ثم أُفرج عنه مؤقتًا في فبراير (شباط) 2024 مع وضع سوار إلكتروني يقيّد حركته ضمن نطاق ألف متر فقط، وهو ما سبّب له صعوبات في التدريس.
كما تحدّث محمود ملاكي، عضو مؤسّس لنقابة معلمي بوشهر، عن أنّه تعرّض للاعتقال رغم عدم مشاركته في احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2021. وفي 2023 صدر بحقه قرار فصل من العمل بعد 20 عامًا من الخدمة.
وفي كِرمان، حُكم على 8 معلمين ونشطاء نقابيين بالسجن.
كما أُدين أبوالفضل خوران بخمس سنوات سجنًا بتهمة "إهانة المقدسات" بعدما حضر مراسم إحياء ذكرى أحد قتلى احتجاجات 2021 في أراك.
ولفت التقرير إلى أنّ المعلمين منذ سنوات يواجهون ملفات قضائية وأمنية بسبب احتجاجاتهم المهنية المعيشية أو مطالبتهم بالإفراج عن زملائهم.
وتصاعدت احتجاجات المعلمين منذ 2021 على خلفية مطالب متعلقة بالرتب المهنية والرواتب، والتي دعا إليها مجلس تنسيق نقابات المعلمين.
ومن أبرز وجوه هذه الاحتجاجات كوكب بداغي بكاه، المعلمة من مدينة إيذه، التي تنتظر حاليًا حكم محكمة الاستئناف، بعد أن حُكم عليها بالسجن 6 سنوات بسبب خطاباتها في التجمعات. وقالت إنّها منذ ديسمبر 2021 استُدعيت مرارًا للتحقيق، على خلفية نشاطها النقابي وخطاباتها العلنية.

أكدت "جبهة الإصلاحات" في إيران، عبر بيان لها، أنّ "النفسية الجمعية للإيرانيين اليوم مجروحة، وظلال اليأس والقلق ما زالت تثقل الحياة اليومية للمواطنين"، مشددةً على ضرورة اتخاذ خطوات مثل التعليق الطوعي لتخصيب اليورانيوم والانفتاح النسبي سياسيًا واقتصاديًا.
وأشار البيان، الذي صدر يوم الأحد 17 أغسطس (آب)، وأثار ردود فعل سلبية من جانب المتشددين في النظام الإيراني، إلى نتائج الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، وجاء فيه: "إن تداعيات الحرب، إلى جانب التضخم الجامح، والركود الإنتاجي، وانهيار قيمة العملة الوطنية، وهروب رؤوس الأموال، جعلت خطر الشلل الاقتصادي أكثر وضوحًا من أي وقت مضى".
ودعت الجبهة، في بيانها، إلى إبداء الاستعداد لتعليق تخصيب اليورانيوم طوعًا، وقبول رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقابل الرفع الكامل للعقوبات، معتبرةً أن هذه الخطوة تمهيد لبداية مفاوضات شاملة ومباشرة مع الولايات المتحدة وتطبيع العلاقات معها.
كما دعت الجبهة جميع "القوى السياسية الوطنية المدافعة عن النهج الإصلاحي السلمي، سواء في الداخل أو الخارج، وكل مؤسسات اتخاذ القرار الداعمة لحقوق الشعب" إلى "الالتقاء حول محور المصالح الوطنية بدلاً من الاستمرار في خطوط التمايز المصطنعة وغير المجدية".
وكان كل من الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، ومهدي كروبي، أحد قادة "الحركة الخضراء" المعارضة، قد حذّرا في تصريحات سابقة من خطر اندلاع حرب جديدة، منتقدين سياسات النظام الإيراني وداعين إلى مراجعتها.
فقد انتقد مهدي كروبي السياسات الحاكمة ومنها البرنامج النووي، قائلاً إن هذا المسار قاد البلاد إلى "حافة الهاوية"، ودعا إلى "العودة للشعب وإصلاحات هيكلية". أما روحاني فاعتبر خفض التوتر مع أميركا "ضرورة واجبة" وأكد صياغة استراتيجية وطنية جديدة.
وقال كروبي، يوم الخميس 14 أغسطس الحاري: "من أجل بقاء إيران، وقبل أن يفوت الأوان، على الحكّام أن يعودوا إلى الشعب ويمهّدوا لإصلاحات هيكلية تستند إلى إرادة الأمة".
وبدوره، دعا الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، يوم الأربعاء 13 أغسطس الجاري، خلال اجتماع مع مستشاريه إلى صياغة وإكمال "استراتيجية وطنية جديدة" تقوم على مطالب الشعب وتركّز على تنمية وعظمة إيران، محذرًا من أن تجاهل هذه الخطوات قد يعرّض البلاد مجددًا لخطر الحرب.
وتتكوّن جبهة الإصلاحات من 27 تشكيلاً إصلاحيًا مؤيدًا للنظام الإيراني، وقد اعتبرت في بيانها الصادر، يوم الأحد 17 أغسطس، أن تهديد تفعيل "آلية الزناد" من قِبل الدول الأوروبية الثلاث أمر واقعي جدًا، مؤكدة أن عودة الملف النووي الإيراني إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة سيعيد عقوبات المنظمة ويُدخل البلاد في ركود أعمق من تداعيات الحرب الأخيرة.
وكانت دول "الترويكا" الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) قد وجّهت، في 12 أغسطس الجاري، رسالة رسمية إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، حذّرت فيها من أنها ستفعّل آلية الزناد، إذا لم تعد إيران إلى طاولة المفاوضات، وهو ما سيؤدي إلى إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن. وأكدت الدول الثلاث أنها منحت طهران مهلة حتى نهاية الشهر الجاري لتفادي ذلك.
وأكدت جبهة الإصلاحات، في بيانها، أن الإبقاء على الوضع الراهن بظل هدنة هشة ومستقبل غامض، أو تكرار الأسلوب التكتيكي المتبع طوال الأعوام الـ 22 الماضية لشراء الوقت، أمر غير مقبول. وشدّدت في المقابل على أن "السبيل الوحيد لإنقاذ إيران هو الاختيار الشجاع للمصالحة الوطنية ووقف العداء داخليًا وخارجيًا، بهدف إصلاح هيكل الحكم والعودة إلى مبدأ سيادة الشعب عبر انتخابات حرة وإلغاء الرقابة التصحيحية، ومن جهة أخرى إنهاء التوتر والعزلة الدولية".
11 مطلبًا قديمًا بلا استجابة
طرحت الجبهة، في إطار ما سمّته "تحقيق المصالحة الوطنية ووقف العداء داخليًا وخارجيًا"، 11 مطلبًا كخريطة طريق عاجلة وعملية للإصلاحات الهيكلية في المجالين الداخلي والخارجي.
وفي البند الأول من مطالبها، دعت إلى "إعلان عفو عام، ورفع الإقامة الجبرية عن زعيم الحركة الخضراء، مير حسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد، وإنهاء القيود المفروضة على الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي والنشطاء المدنيين، ووقف قمع المنتقدين الإصلاحيين، بهدف إعادة بناء الثقة الوطنية ورأب الصدع بين الشعب والسلطة".
كما طالبت الجبهة بتغيير خطاب الحكم نحو التنمية الوطنية القائمة على رفاه وكرامة المواطنين، بدلاً من أولوية النزاعات الأيديولوجية، وبحلّ المؤسسات الموازية، وإحداث تغييرات جوهرية في المؤسسات المعيّنة ونهجها، وإنهاء ازدواجية القرار، وإعادة الصلاحيات للحكومة، ومنع تدخل المجالس فوق الدستورية وغير الشفافة وغير الخاضعة للمساءلة في إدارة البلاد، مؤكدة ضرورة عودة القوات المسلحة إلى ثكناتها وخروجها من مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة.
وشملت المطالب أيضًا إنهاء النظرة الأمنية إلى المجتمع، وإلغاء التمييز بين المقرّبين من النظام وباقي المواطنين، وإصلاح إدارة وهيكلة هيئة الإذاعة والتلفزيون، وضمان حرية الإعلام، ورفع الرقابة، وتعديل القوانين المتعلقة بحقوق المرأة.
وفي المجال الاقتصادي، دعت الجبهة إلى "إخراج الاقتصاد الوطني من يد الأوليغارشية الحاكمة، وخلق فرص اقتصادية متساوية لجميع المواطنين، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي".
أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد شدّدت على "إصلاح السياسات الخارجية على أساس المصالحة الوطنية والتضامن بين جميع الإيرانيين في الداخل والخارج"، وعلى "التقارب الإقليمي لإرساء سلام دائم واستغلال فرص التعاون مع دول الجوار".
انتقادات حادة من الأصوليين
أثار نشر بيان جبهة الإصلاحات انتقادات حادة من وسائل الإعلام التابعة للمتشددين الأصوليين داخل النظام الإيراني.
فقد خصصت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، العنوان الرئيس لعددها الصادر يوم الاثنين 18 أغسطس لهذا البيان، وهاجمته قائلة: "نص البيان ومضمونه يتماهيان بالكامل مع مصالح جبهة الغرب أي الدول الأوروبية وأميركا وإسرائيل".
وكتبت الصحيفة أن المقولات والمضامين الواردة في بيانات جبهة الإصلاحات التي تصدر مؤخرًا بالجملة، تأتي بشكل غريب في خط المهمة الإسرائيلية وإرادة الدول الغربية، بحيث يمكن اعتبار نصوص هذه البيانات بمثابة "ترجمة لتصريحات نتنياهو".
وأضافت "كيهان" أن "المخطط غير المكتمل لإسرائيل وأميركا الرامي لإسقاط النظام الإيراني مستمر عبر جبهة الغرب المتماهية ورؤوس الفتنة في إيران؛ بحيث يُعوّض فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها خلال الحرب الأخيرة عبر تحركات مدّعي الإصلاح".
وقالت الصحيفة إن جبهة الإصلاحات ركزت في بيانها على "مطالب فئوية غير مشروعة" بدلاً من هموم عامة، مثل رفع الإقامة الجبرية، وتغيير نهج هيئة الإذاعة والتلفزيون، وإصلاح السياسة الخارجية على أساس المصالحة الوطنية.
ومن جانبها، ذكرت وكالة أنباء "فارس"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، أن "نشر بيان الجبهة المسماة بالإصلاحات في إيران، والذي شدّد على ضرورة المصالحة الوطنية، والتعليق الطوعي للتخصيب النووي، وقبول الرقابة الواسعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتفاعل الأكبر مع الغرب والجيران، أثار موجة من الانتقادات بين المحللين".
وبحسب "فارس"، فقد وصف بعض الخبراء البيان، الصادر في ظرف حساس بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، بأنه "وثيقة خضوع للأعداء الخارجيين"، في حين يعتبره أنصاره الإصلاحيون خريطة طريق لتجنب الانهيار الاقتصادي والأمني للبلاد.
وأكدت الوكالة أن "المعطيات والتحليلات تظهر أن محتوى البيان يكرّر مطالب تتطابق مباشرة مع الأهداف بعيدة المدى لأميركا والكيان الصهيوني (إسرائيل)، وهذا التماهي قد يكون مؤشرًا على تبعية أيديولوجية أو عملية".

قال مساعد الرئيس الإيراني لشؤون الاتصالات والإعلام، مهدي طباطبائي، إن الظروف الراهنة غير مناسبة للتفاوض مع الولايات المتحدة، مؤكدًا أن أي قرار بهذا الشأن يمر عبر القيادة العليا وهيئات الأمن القومي في البلاد.
وأوضح طباطبائي، في مقابلة مع وسائل إعلام إيرانية، يوم الأحد 17 أغسطس (آب): "في الوضع الحالي، الظروف غير مهيأة للتفاوض مع الولايات المتحدة. اليوم هذا الاحتمال غير موجود، لكن بعد 40 يومًا، حين يكون الرئيس في نيويورك، قد يختلف الوضع. نحن نعيش حالة من عدم اليقين»، في إشارة إلى زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى نيويورك؛ للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أواخر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وشدد طباطبائي على أن أي قرار بالتفاوض مع واشنطن لن يكون بيد الحكومة وحدها، بل يحتاج إلى مصادقة المرشد الإيراني، علي خامنئي. وقال: "إن اعتبارات المجلس الأعلى للأمن القومي تؤخذ دائمًا في الحسبان، لكن قراراته لا تصبح نافذة إلا بعد موافقة المرشد".
وأكد أن رئيس الجمهورية، الذي يترأس أيضًا المجلس الأعلى للأمن القومي، يظل خاضعًا لسلطة خامنئي، مضيفًا: "في حالة الرئيس، هناك التزام كامل وامتثال لاعتبارات واستراتيجيات ورؤى المرشد الأعلى".
وعن وجود خلافات في السابق، أوضح طباطبائي: "في وقت من الأوقات، كان رأي الرئيس يميل إلى التفاوض، لكن خامنئي لم يكن موافقًا. وقال بزشكيان حينها إن رأي المرشد هو الأولوية حتى لو تعارض مع موقفه الشخصي. لاحقًا، عندما تغيّرت الظروف، تغيّر القرار أيضًا، والحكومة نفذته".
وتابع: "إذا بقيت الظروف على ما هي عليه الآن، فلن تكون هناك محادثات. لكن لا يمكن استبعاد حدوث تغييرات مع مرور الوقت".
كما نفى طباطبائي وجود انقسامات داخل القيادة بشأن السياسة الخارجية الإيرانية، قائلاً: "التنسيق القائم اليوم بين مؤسسات الدولة والمرشد الإيراني استثنائي. هذا الانسجام والثقة ساعدا البلاد في تجاوز العدوان الأخير من قِبل الكيان الصهيوني (إسرائيل) والولايات المتحدة".
وكانت وكالة "رويترز" قد ذكرت، في تقرير حديث، أن المرشد الإيراني وهيكل السلطة في إيران، توصلا إلى توافق حول استئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، باعتبارها ضرورية لبقاء النظام.
وفي ظل تدهور العلاقات مع أوروبا واحتمال اندلاع مواجهة جديدة مع إسرائيل، يتعرض الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، لضغوط متزايدة من التيار المتشدد في لإيران، الذي يشكك في كفاءته وحسن تقديره السياسي.
كما أعادت اتهامات بوجود "حكومة ظل" تتدخل في سياسة إيران الخارجية إثارة المخاوف بشأن اتجاه الدبلوماسية الإيرانية، في وقت تتأرجح فيه المفاوضات النووية الحساسة بين طهران والغرب.