المتقاعدون في إيران يتخلون عن العلاج بسبب ضعف التأمين التكاملي وعدم استطاعتهم دفع التكاليف

بينما يُضطر المتقاعدون للتخلي عن العلاج؛ بسبب عدم قدرتهم على دفع التكاليف، قامت شركات التأمين التكميلي بتقليص مستوى خدماتها، ما خلق وضعًا معقدًا للمتقاعدين.

بينما يُضطر المتقاعدون للتخلي عن العلاج؛ بسبب عدم قدرتهم على دفع التكاليف، قامت شركات التأمين التكميلي بتقليص مستوى خدماتها، ما خلق وضعًا معقدًا للمتقاعدين.
وأفادت وكالة إيلنا"، في تقرير نشرته يوم الأحد 21 سبتمبر (أيلول)، عن مشاكل المتقاعدين في الاستفادة من التأمينات التكميليّة، بأن التأمينات الأساسية والتكميلية لا تلبي احتياجاتهم العلاجية.
ونقلت الوكالة عن أحد المتقاعدين العاملين قوله إن خدمات التأمين التكميلي لشركة "آتيا سازان حافظ" ضعيفة، مشيرًا إلى أنه بسبب مرضه يجب عليه إجراء فحوص دورية كل ستة أشهر. وقد دفع مؤخرًا ثلاثة ملايين تومان لأحد هذه الفحوص، ولم تُغطّ التأمينات سوى 500 ألف تومان فقط.
وأضاف المتقاعد: "يُخصم من حسابنا مبلغ شهري للتأمين التكميلي، لكننا لا نحصل على الخدمات المطلوبة. لا التأمين الأساسي ولا التأمين التكميلي يلبيان احتياجاتنا، و500 ألف تومان لا تكفي حتى لتغطية رسوم الطبيب".

وإلى جانب التضخم العام، الذي يؤثر على جميع القطاعات، كان لإلغاء سعر صرف العملة المفضلة للأدوية والمعدات الطبية تأثير مزدوج على زيادة تكاليف العلاج.
وأعلن وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيراني، محمد رضا ظفر قندي، في ديسمبر (كانون الأول) 2024، إلغاء سعر الصرف المفضل للأدوية والمعدات الطبية، ليتم استيرادها بسعر صرف "نيما" (هو نظام عملة عبر الإنترنت بدأه البنك المركزي الإيراني في أبريل/ نيسان 2018). ومنذ ذلك الوقت، رفعت شركات الأدوية أسعار منتجاتها حتى خمسة أضعاف.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن نائب العلاج في منظمة الضمان الاجتماعي، شهرام غفاري، زيادة أسعار أكثر من 400 صنف من الأدوية المشمولة بالتأمين، تراوحت نسبتها بين 10 و20 في المائة وحتى مضاعفات أكبر.
كما أن إلغاء سعر الصرف الحكومي للأدوية والمعدات الطبية في ميزانية 2025 بدأ يظهر آثاره منذ بداية مارس (آذار) الماضي، حيث أعلن رئيس منظمة الغذاء والدواء، مهدي بير صالحی، أن إلغاء صرف 4200 تومان لاستيراد المعدات الطبية يعني سبعة أضعاف تكلفة الاستيراد.
وامتدت آثار هذه التغييرات إلى باقي قطاعات العلاج، وبينما ارتفعت أسعار الأدوية والخدمات الطبية، فإن التأمينات التكميليّة غير قادرة على تغطية التكاليف للمؤمن عليهم حاليًا.
وحتى التأمين التكميلي لشركة "آتيا سازان حافظ"، الذي يقتصر على مجال واحد ويتبع وزارة الصحة، لا يقدم أداءً مرضيًا. ونقلت "إيلنا" عن متقاعد مشمول بالتأمين الأساسي والتكميلي قوله: "المعاش التقاعدي زهيد والخدمات الطبية ضعيفة؛ صندوق الضمان الاجتماعي الذي ادخرنا فيه طوال سنوات عملنا لا يقدم لنا الدعم الكافي في مرحلة التقاعد".


كشفت صحيفة "شرق" الإيرانية عن أزمة غير مسبوقة في قطاع قاعات الأعراس والاحتفالات بطهران، مؤكدة أن بعض القاعات لم تحجز أي عرس حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فيما أُغلِق ما بين 50 و70 في المائة من هذه القاعات خلال العام الأخير.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير نشرته، يوم السبت 20 سبتمبر (أيلول)، أن القاعات التي كانت تحتضن عشرات المناسبات أسبوعيًا، لم تعد تستقبل سوى أربع أو خمس حفلات في الشهر.
وتشير بيانات منظمة الأحوال المدنية إلى تسجيل 274 ألف حالة زواج فقط خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الإيراني الحالي، مقابل أكثر من 108 آلاف حالة طلاق في الفترة نفسها. كما انخفض عدد الزيجات خلال العقد الماضي بنسبة تقارب 46 في المائة، وسط عجز الكثير من الشباب عن تحمّل تكاليف حفلات كبيرة.
الأزمة الاقتصادية تضرب القطاع
وذكرت الصحيفة أن معظم المناسبات تحولت إلى تجمعات عائلية صغيرة أو نُقلت إلى حدائق ومزارع أرخص. وأكدت عرائس، مثل "سهیلا" و"زهرا"، أن الدافع الأساسي لإلغاء حفلاتهن الكبيرة كان الضغوط الاقتصادية، مشددات على أنهن كنّ سيقمن حفلات واسعة لولا الظروف المالية.
وأصاب هذا التراجع أيضًا القطاعات المرتبطة، مثل شركات التموين، والمصورين، والموسيقيين.
وقال مدير إحدى القاعات، ويُدعى جواد فرجي: "إن قاعة تسع 1000 شخص، لم يعد يحضرها سوى 25 ضيفًا في بعض المناسبات".
وأضاف أن الكثير من العاملين في القاعات، خاصة النساء المعيلات، فقدوا وظائفهم.
من "كورونا" إلى الحرب الأخيرة
يشير أصحاب القاعات إلى أن وباء "كورونا: كان البداية لانهيار القطاع، ثم جاءت الحرب الأخيرة والأزمة الاقتصادية لتفاقم الوضع.
وأشار حسين تبريزي، أحد مالكي القاعات القدامى، إلى أن أسعار المواد الغذائية تضاعفت (الدجاج من 70 ألفًا إلى 140 ألف تومان)، ما أجبر الأزواج على اختيار قوائم طعام بسيطة، لافتًا إلى أنه أغلق إحدى قاعاته، وحولها إلى نادٍ رياضي.
وأضاف مجید صمدي، مدير قاعة أخرى، إلى أن نشاط القاعات تراجع بنسبة 50 في المائة بعد "كورونا"، مؤكداً أن الوضع هذا العام "أسوأ بكثير"، وأن العديد منها بات على شفا الإفلاس.
تكاليف باهظة وحظر الموسيقى
أكد رئيس اتحاد قاعات الاحتفالات بطهران، بیجن عبداللهي، أن القطاع تضرر من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية أكثر من غيره، مطالبًا بتخفيف القيود القانونية مثل حظر الموسيقى الحية.
وقال إن تكلفة حضور الضيف الواحد تتراوح بين 700 و800 ألف تومان، وهو مبلغ يفوق قدرة الكثير من العائلات، مضيفًا: "القاعات دخلت في غيبوبة منذ كورونا، ولم تنهض حتى الآن".

ذكرت وكالة "رويترز" أن محاولة العراق للسيطرة على أزمة النقص الحاد في الكهرباء من خلال استيراد الغاز من تركمانستان عبر أراضي إيران باءت بالفشل تحت وطأة الضغط الأميركي، ما أجبر بغداد على البحث عن بدائل لتأمين إمدادات مستقرة من الكهرباء.
ووفق تقرير الوكالة الصادر، يوم الجمعة 19 سبتمبر (أيلول)، فإن العراق، رغم امتلاكه احتياطيات نفطية ضخمة، يواجه صعوبات كبيرة في تأمين الكهرباء بشكل دائم لمواطنيه، منذ الغزو الأميركي عام 2003، وسقوط نظام صدام حسين.
ودفع هذا الوضع العديد من المواطنين للاعتماد على مولدات خاصة باهظة الكلفة، ما سبب أعباء اقتصادية ملحوظة، وأدى حتى إلى اضطرابات اجتماعية.
وكان المشروع، الذي طُرح لأول مرة عام 2023، يهدف إلى تصدير الغاز التركماني إلى العراق عبر الأراضي الإيرانية.
وبموجب آلية "المقايضة" كان من المفترض أن تنقل إيران الغاز المستلم إلى العراق، لكن ذلك كان يتطلب موافقة الولايات المتحدة، بسبب خطر انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
ولم تتحقق هذه الموافقة قط، بل على العكس شددت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران.
وذكرت "رويترز"، بعد محادثات مع أربعة مسؤولين عراقيين ومراجعة سبع وثائق، أن بغداد سعت لعدة أشهر للحصول على موافقة واشنطن لاستيراد نحو 5 مليارات متر مكعب من الغاز التركماني عبر إيران.
وبحسب مسودة عقد المقايضة، التي اطلعت عليها الوكالة، كان العراق يعتزم استيراد 5.025 مليار متر مكعب من الغاز التركماني سنويًا بوساطة الشركة الوطنية للغاز في إيران.
ووفقًا لإحدى الوثائق، لم تكن إيران ستتلقى أي أموال مقابل هذه العملية، لكنها كانت ستحتفظ بحقها في اقتطاع ما يصل إلى 23 في المائة من حجم الغاز اليومي لتغطية احتياجاتها الداخلية.
كما اقترحت بغداد أن يشرف طرف ثالث دولي على تنفيذ الاتفاق وضمان الالتزام بالعقوبات الأميركية وقوانين مكافحة غسل الأموال.
غير أن معارضة الولايات المتحدة، رغم أشهر من المفاوضات، أحبطت المشروع في نهاية المطاف.
وأضافت "رويترز" أن تصعيد إدارة ترامب ضغوطها على طهران بشأن برنامجها النووي جعل من الصعب أكثر على بغداد التوفيق بين حليفَيها: واشنطن وطهران.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الكهرباء، عادل كريم، في مقابلة مع "رويترز": "إن تنفيذ العقد (مع تركمانستان) قد يؤدي إلى فرض عقوبات على البنوك والمؤسسات المالية العراقية، ولهذا السبب فهو معلق حاليًا".
ورفضت وزارة الخزانة الأميركية التعليق، لكن مصدرًا مطلعًا في واشنطن قال إن إدارة ترامب لن توافق على أي اتفاق يعود بالنفع على طهران، رغم أنها تتعاون مع العراق لتلبية احتياجاته من الطاقة.
وخلال العقد الماضي، اعتمد العراق بشكل كبير على استيراد الغاز والكهرباء من إيران.
ووفقًا لمسؤول عراقي في قطاع الكهرباء- لم يُكشف عن اسمه بسبب حساسية الموضوع- فإن الغاز الإيراني يغطي نحو ثلث إنتاج الكهرباء في العراق، وقد بلغت واردات الغاز من إيران عام 2024 نحو 9.5 مليار متر مكعب.
وحذّر كريم قائلاً: "إذا توقف الغاز الإيراني، سيواجه إنتاج الكهرباء في العراق أزمة خطيرة".
ويأتي ذلك بينما يقوم العراق، رغم كونه ثاني أكبر منتج للنفط في "أوبك"، بحرق كميات ضخمة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط بسبب نقص الاستثمارات والبنية التحتية اللازمة لجمعه ومعالجته.
وفي مارس (آذار) 2025، صرّح ثلاثة مسؤولين عراقيين كبار في قطاع الطاقة بأن البلاد لا تملك حاليًا بدائل فورية لتعويض واردات الطاقة من إيران، الأمر الذي يسبب تحديات كبيرة خاصة في فصل الصيف لتأمين الكهرباء اللازمة.

أقرّت صحيفة "كيهان"، الخاضعة لإشراف ممثّل المرشد الإيراني علي خامنئي، بأنّ سياسات النظام المناهضة للهجرة، وعلى رأسها عمليات الطرد الجماعي للمواطنين الأفغان، لم تُحسّن الأوضاع الاقتصادية في إيران ولم تُخفّض الأسعار، بما في ذلك سعر الخبز.
وقالت الصحيفة، يوم الأربعاء 17 سبتمبر (أيلول)، إن أسعار السلع الأساسية، خصوصاً الخبز الذي يُعَد الغذاء الرئيسي للأسر، شهدت خلال العام الماضي قفزة كبيرة. فثمن خبز سَنكك العادي المدعوم من الدولة ارتفع من خمسة آلاف تومان في سبتمبر (أيلول) 2024 إلى 15 ألف تومان حالياً، أي بزيادة بلغت 300 بالمائة.
وأشارت "كيهان" إلى أنّ السلطات كانت تُرجِع ارتفاع الأسعار سابقاً إلى الضغط الذي يسببه وجود المهاجرين الأفغان غير النظاميين، لكن وفقاً للإحصاءات الرسمية فقد غادر أكثر من مليون ونصف المليون منهم البلاد حتى منتصف الصيف، من دون أن ينعكس ذلك على خفض الأسعار.
وكانت الحكومة الإيرانية قد كثّفت خلال الأشهر الماضية إجراءاتها ضد المهاجرين الأفغان، وقامت بترحيل أعداد كبيرة منهم، فيما اتهمت بعضهم بالتجسس لصالح الموساد بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، في محاولة لتبرير وتشريع هذه السياسات.
وزير الداخلية الإيراني، إسكندر مؤمني، أشار في تصريح له يوم 10 أغسطس (آب) الماضي إلى أن تقليص استهلاك الخبز نتيجة الطرد الجماعي للأفغان يعد "أحد إنجازات الحكومة"، قائلاً إنّ معاملات شراء الخبز تراجعت بنسبة 6 في المائة.
لكن "كيهان" تساءلت في تقريرها: "إذا كان من المتوقع أن يبلغ إنتاج القمح هذا العام أكثر من 11 مليون طن وتشتريه الحكومة، وأن الاستهلاك العام الماضي- مع وجود المهاجرين الأفغان- كان نحو 14 مليون طن، فلماذا يُباع الخبز اليوم بزيادة 300 بالمائة مقارنة بعام 2024؟".
وأوضحت الصحيفة أنّ المواطنين باتوا يُجبرون على دفع مبالغ باهظة وغير مقبولة لشراء الخبز من المخابز "الحرّة" التي تدّعي استخدام الطحين غير المدعوم.
وتأتي هذه التطورات في ظلّ السياسات الاقتصادية والسياسية الفاشلة للنظام الإيراني على مدى العقود الماضية، حيث أدّى التضخّم الجامح إلى إنهاك حياة المواطنين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود، فيما واصل سعر العملة الصعود، وقفزت أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق.
ومع الزيادة الأخيرة البالغة 52 بالمائة في سعر الخبز في طهران وبعض المدن الأخرى خلال أغسطس (آب)، ارتفعت كلفة شراء خبز سنكك لعائلة عاملة إلى نحو ثلاثة ملايين تومان شهرياً، أي ما يعادل خُمس الحدّ الأدنى للأجور.

قال ميعاد مالكي، المسؤول الرفيع السابق في وزارة الخزانة الأميركية لقناة "إيران إنترناشيونال" إن العقوبات أدّت إلى ضياع معظم عائدات النفط الإيراني في شبكات فاسدة لتهريب النفط، بحيث لا تحصل إيران إلا على ثمن برميل واحد من كل خمسة براميل تصدّرها.
وصرح ميعاد مالكي، الرئيس السابق لمكتب الاستهداف العالمي للعقوبات في وزارة الخزانة الأميركية، لـ"إيران إنترناشيونال": "هم يبيعون هذا النفط عبر شبكات فاسدة وأشخاص ومؤسسات سيئة السمعة سبق أن فُرضت عليهم عقوبات دولية. إنهم يحصلون فقط على ثمن برميل واحد من كل خمسة براميل يصدّرونها، وحتى هذا المبلغ ليس مضمونًا أن يصل إليهم".
يشار إلى أن الولايات المتحدة تفرض عقوبات على النظام الإيراني منذ عقود، لكن هذه الإجراءات اشتدّت عام 2018، عندما أطلق دونالد ترامب حملة "الضغط الأقصى".
وطوّرت طهران طرقًا معقدة للالتفاف على العقوبات، من بينها "أسطول الأشباح" من ناقلات النفط التي تُطفئ أجهزة الإرسال الخاصة بها وتلجأ إلى عمليات النقل من سفينة إلى أخرى، ما يصعّب تتبعها ويخفي مصدر النفط.
وأوضح مالكي، الذي عمل أيضًا في سلاح الجو الأميركي، أن هذه الطرق تجعل بيع النفط مكلفًا جدًا.. "جزء كبير من الأموال يُنفق على النقل، والخصومات، والعمولات التي تُدفع لطبقات متعددة من الفاعلين الفاسدين. إنه مكلف. في الواقع، نشاط اقتصادي بلا جدوى ولا منفعة".
وعلى مدى نحو ثماني سنوات عمل مالكي في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، وساهم في تصميم وتنفيذ حملات العقوبات التي أطلقتها وزارة الخزانة ضد إيران وحلفائها الإقليميين، بمن فيهم حزب الله وحماس.
واعتبر مالكي، المولود في إيران والذي عايش بنفسه صعوبات الحياة هناك، أن العقوبات وسيلة لمساعدة الشعب الإيراني، لأن حكّام إيران لا ينفقون عائدات النفط في المصلحة العامة.
وقال: "النظام الإيراني أنفق أي مال حصل عليه من بيع النفط والغاز على مؤيديه... هذه أموال الشعب. يجب أن تُصرف على الشعب. لكنني لم أر أي مؤشر على أن النظام أنفقها في هذا المجال. في المقابل، رأيت دلائل كثيرة على أن هذه الأموال تُستخدم للضغط على الناس".
وخلال الولاية الأولى لترامب، كان مالكي أحد مهندسي العقوبات ضد النظام الإيراني، وحاول توسيع نطاقها ليتجاوز قطاع الطاقة. وهو يعتبر أن فرض عقوبات على المؤسسات المالية والمصرفية الإيرانية كان جزءًا من هذه الاستراتيجية.
وأضاف: "كان هدفنا أن نرى كيف يمكن تصميم العقوبات بحيث يكون ضررها أقل على الناس وأكبر على النظام... العقوبات الأميركية صُممت بطريقة لا تستهدف المواطنين العاديين... بل إن الحكومة الإيرانية هي المسؤول الحقيقي عن الضغوط على الشعب".
وفي عام 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي.
ويرى مالكي أن هذه الخطوة من بين أكثر الإجراءات فاعلية ضد النظام الإيراني، بالنظر إلى الثروات الضخمة التي تسيطر عليها مؤسسات تحت إشراف خامنئي، مثل "مؤسسة المستضعفين" و"هيئة تنفيذ أوامر الإمام" و"آستان قدس رضوي".
وأكد أن كثيرًا من هذه المؤسسات، التي تهيمن على قطاعات حيوية في الاقتصاد الإيراني، تخفي أنشطتها تحت غطاء العمل الخيري. وقال: "إنهم يستثمرون في قطاعات المعادن والبتروكيماويات والزراعة. لكنهم لا يقومون إلا بالقليل من العمل الخيري".
وأشار إلى أن العقوبات صُممت بحيث تبقى سارية حتى بعد خامنئي، بحيث تشمل خلفه والمقرّبين منه.
وقال: "هذه المؤسسات والهيئات وفروعها هي التي تُدير الاقتصاد الإيراني، وتسرق من شعبها، وفي الوقت نفسه تشارك في أنشطة مدمّرة كثيرة، من بينها تمويل الإرهاب، بدلًا من استخدام الموارد لمساعدة الاقتصاد الإيراني".
الهجمات الأميركية والإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية في يونيو (حزيران) 2025 دمّرت أجزاء أساسية من البرنامج النووي الإيراني.
وطالبت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي طهران باتخاذ "خطوة عاجلة وملموسة" للوفاء بالتزاماتها في إطار الضمانات النووية.
أما فرنسا وألمانيا وبريطانيا فقد فعّلت الشهر الماضي آلية الزناد، ما قد يؤدي قريبًا إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
وقال مالكي إنه من غير الواضح مدى تأثير هذه الخطوة على الاقتصاد الإيراني، لكنه أضاف: "العقوبات الأميركية ما زالت قائمة. أما إضافة عقوبات الأمم المتحدة، فلا أعرف إلى أي مدى ستخلق قيودًا مالية إضافية ملموسة للنظام، لكنها بلا شك ستزيد الضغط سياسيًا. سترون تغييرات في طريقة تعامل الحكومات مع إيران وفي أسلوب تواصلها الدبلوماسي معها".
وتتراوح التقديرات بشأن تكاليف البرنامج النووي الإيراني بين 500 مليار دولار وتريليون دولار.
وأوضح مالكي: "حتى إذا أخذنا التقدير الأدنى، أي نحو نصف تريليون دولار، فهذا يعادل ما بين 17 و20 سنة من عائدات النفط الإيرانية".
ومع ذلك، لم ينتج البرنامج النووي سوى نحو 11 إلى 12 في المئة من كهرباء البلاد. في حين أدّت زيادة انقطاعات الكهرباء في أنحاء إيران إلى اضطراب حاد في الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية، ما أصاب حياة المواطنين والأعمال بالشلل.
وتابع: "فقط بنحو 15 مليار يورو (قرابة 16 مليار دولار)، كان بإمكان إيران بناء محطات توليد كافية لتجنّب تفاقم النقص".
وختم بالقول: "حتى لو كان الهدف من البرنامج النووي الإيراني سلميًا، فإنه لم يكن منطقيًا اقتصاديًا في أي وقت".

واصل عمّال شركة "فولاذ الأهواز"، الأربعاء 17 سبتمبر (أيلول)، اعتصامهم العمالي الخامس على التوالي. كما نظّم عمّال "الأركان الثالثة" (المتعاقدون) بالمنطقة الاقتصادية الخاصة للطاقة في عسلويه في اليوم نفسه تجمعا احتجاجيا للمطالبة بحقوقهم العمالية.
ففي أهواز، تجمع عمّال المجموعة الوطنية لصناعة الفولاذ أمام قاعة الاجتماعات التابعة للوحدة الإنتاجية للمطالبة بتنفيذ مطالبهم، والتي شملت: عدم دفع رواتب الشهرين الماضيين، التخفيض المفاجئ وغير المبرر في ساعات العمل الإضافية، وقف تقديم الوجبات الغذائية، وعدم احتساب سنوات عملهم ضمن "الأعمال الشاقة والخطرة"، إضافة إلى مطالبتهم بتأمين صحي تكميلي.
وأشار "اتحاد العمال الأحرار في إيران" إلى أن مستوى الإنتاج في هذه الشركة انخفض بشكل كبير، ما أثار قلقًا بالغًا بين العمّال بشأن مستقبلها، مؤكّدين على ضرورة إعادة تشغيل خطوط الإنتاج بشكل عاجل وضمان الشفافية في إدارتها.
وكانت وكالة "إيلنا" قد أفادت يوم الثلاثاء 16 سبتمبر (أيلول) بوجود "مشكلة في توفير السيولة النقدية" لدى الشركة، ناقلة عن "مصدر عمالي مطّلع" قوله إن المجموعة الوطنية لصناعة الفولاذ تعمل "بطاقة لا تتجاوز 10%"، ويرجّح استمرار هذه الأزمة خلال فصل الخريف.
وسبق للعمّال أن انتقدوا بنك "ملي إيران" بوصفه المالك الرئيسي للشركة بسبب تجاهله لأوضاعها، حيث أُحيلت ملكيتها إلى البنك بعد احتجاجات واسعة بين عامي 2017 و2018 ضد خصخصتها. ومنذ ذلك الحين، تتواصل تحركات العمال الاحتجاجية لأسباب عمالية.
كما ذكرت وكالة "إيلنا" يوم الأربعاء أن المدير التنفيذي للشركة دعا العمال في رسالة إلى "التحلي بالصبر"، مبررًا عدم دفع "رواتب الشهر الماضي" بـ"نقص السيولة".
احتجاج عمّال الأركان الثالثة في عسلويه
من جانب آخر، أفاد "اتحاد العمال الأحرار في إيران" بأن عمّال الأركان الثالثة في منظمة المنطقة الاقتصادية الخاصة للطاقة بعسلويه نظموا تجمعًا احتجاجيًا للمطالبة بحقوقهم، وفي مقدمتها: إلغاء شركات المقاولات الوسيطة، توحيد الأجور والامتيازات مع الموظفين الرسميين، وتوقيع عقود عمل مباشرة.
كما نقلت وكالة "إيلنا" عن المحتجين تأكيدهم أن "إلغاء وسطاء المقاولات يمكن أن يحسّن ظروف العمل، ويزيد من رضا العمال، ويرفع مستوى الإنتاجية".
ووفقًا للتقارير، فإن عشرات الآلاف من عمّال الأركان الثالثة في قطاع النفط يخضعون لـ"أشد أشكال التمييز والضغوط المهنية والمعيشية" منذ سنوات، ويطالبون بإنهاء دور شركات المقاولات. لكن الحكومة والبرلمان، بدعم من مقاولي النفط الكبار المرتبطين بمسؤولين في الشركة نفسها وبمؤسسات حكومية وشبه حكومية ذات نفوذ، يواصلون عرقلة هذه المطالب عبر الوعود والتسويف والإجراءات البيروقراطية.
وخلال السنوات الماضية، كرر عمّال المقاولات في مختلف القطاعات داخل إيران مطالبهم بإلغاء شركات المقاولات وتوقيع عقود عمل مباشرة.