تصاعد الغضب الشعبي تجاه "الإنترنت الطبقي" في إيران

تواجه توجيهات حكومية جديدة قد تمنح مجموعات معينة امتيازات في الوصول إلى الإنترنت، ردود فعل غاضبة من الإيرانيين، الذين يرون فيها خطوة لترسيخ امتيازات لفئات مرتبطة بالنظام وتعزيز الرقابة على الجميع.
صحافية ومحللة سياسية - إيران إنترناشيونال

تواجه توجيهات حكومية جديدة قد تمنح مجموعات معينة امتيازات في الوصول إلى الإنترنت، ردود فعل غاضبة من الإيرانيين، الذين يرون فيها خطوة لترسيخ امتيازات لفئات مرتبطة بالنظام وتعزيز الرقابة على الجميع.
بدأت هذه الضجة بعد نشر قرار مبهم الصياغة من المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، يدعو إلى تشكيل لجنة لحماية الأعمال التجارية على الإنترنت من "التدخلات غير القانونية أو التعسفية".
وقد فسّر العديد من الإيرانيين هذا القرار على أنه تمهيد لمنح إنترنت أسرع وأقل خضوعًا للفلاتر لمجموعات مفضّلة، خصوصًا تلك المرتبطة بالحكومة أو القطاع التجاري.
وكتب الأستاذ البارز في تكنولوجيا المعلومات علي شريفي زارجي على منصة "X": "الإنترنت الطبقي بغض النظر عن الاسم المخادع الذي يتخفى خلفه؛ هو ظلم واضح ضد الشعب الإيراني".
تأتي هذه الانتقادات على خلفية سنوات من القمع الرقمي المتصاعد؛ إذ تحتل إيران مراتب متدنية عالميًا في حرية الإنترنت، ويوجد فعليًا نظام طبقي غير معلن، حيث يتمتع المسؤولون والجهات المرتبطة بالدولة بوصول كامل إلى منصات مثل "X" (تويتر سابقًا)، وهي محظورة رسميًا على عامة الشعب.
وقال المعلّم والناشط الرقمي المعروف أمير عماد ميرمراني (المعروف باسم "جادي"): "قبول الإنترنت الطبقي يعني القبول بإنترنت أسوأ لـ"الآخرين"، يعني أنه سيأتي يوم يُقال لك: أنت تعمل في تلك الوسيلة الإعلامية؟ إذًا لا تستحق الوصول. أو كنتَ تتبنى ذلك الموقف؟ إذًا أنت مستبعَد".
"الأفعال لا الأقوال"
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بتوسيع الوصول إلى الإنترنت، حاول تهدئة الغضب العام.
وكتب على منصة "X" في 16 يوليو (تموز): "الوصول إلى المعلومات الحرة حق لكل المواطنين، وليس امتيازًا لفئة محددة. الحكومة ملتزمة بتوفير إنترنت عالي الجودة، وشامل".
لكن تصريحه- الذي نُشر عبر اتصال غير خاضع للفلاتر كما يُفترض- قُوبل بتشكيك واسع.
وعلّق "جادي" بسخرية في منشور آخر: "الرئيس ومتحدثه الرسمي يستخدمان "إكس" المفتوح للمسؤولين كي يقولوا إنهم ضد الإنترنت الطبقي".
أما الأستاذة الجامعية شيوه آرشته فكانت أكثر وضوحًا: "لا يمكنك أن تعارض الامتيازات، ثم توقّع على قرار يمنح امتيازات لفئات معينة. هناك فجوة بين أقوالك وأفعالك".
الجهة التي أصدرت هذا القرار المثير للجدل، المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، يترأسه شكليًا الرئيس، لكن السيطرة الفعلية فيه بيد شخصيات يُعيّنها المرشد الإيراني علي خامنئي، ومسؤولين من مؤسسات محافظة، بما في ذلك الحرس الثوري ومنظمة الدعاية الإسلامية.
وبالتالي، فإن تأثير الرئيس وحكومته في رسم سياسات الإنترنت محدود، رغم أنه يرأس المجلس اسميًا.
المخاطر على الأعمال والمجتمع المدني
رواد أعمال ومعلمون يحذّرون من تداعيات أعمق. فقد قال رجل الأعمال علي رضا قنادان: "بقاء أي مشروع تجاري يعتمد على الوصول إلى الزبائن، وجزء كبير من أنشطتنا التسويقية وحركة المرور تتم على منصات خاضعة للفلاتر أو المحظورة".
ويؤكد نشطاء المجتمع المدني وخبراء التكنولوجيا أن البنية التحتية للتمييز في الوصول موجودة بالفعل.
فخلال انقطاعات الإنترنت التي فرضتها الدولة في مرات سابقة، تمكّنت الوكالات الحكومية ووسائل الإعلام الرسمية والمستخدمون المرتبطون بها من الحفاظ على وصولهم إلى منصات مثل "واتساب" و"إنستغرام" و"غوغل"، بينما انقطع الاتصال بالكامل عن عامة السكان.


شهدت إيران موجةً من انقطاعات الكهرباء الواسعة تسببت في اضطرابات شديدة في الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية، ما أثار إحباطًا شديدًا لدى المواطنين وأدى إلى شلل في الأعمال التجارية، وفقًا لمقاطع الفيديو والرسائل الصوتية التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال".
وفي تعبير غاضب عن الاحتجاج، أقدم مزارع دواجن على إلقاء دجاجٍ نافق أمام مركز إدارة توزيع الكهرباء في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد، محمّلًا انقطاع التيار الكهربائي مسؤولية موت الدواجن.
وقال المزارع: "منذ هذا الصباح، لا توجد كهرباء. على الأقل أعلمونا مسبقًا كي نستخدم المولدات".
كما نشر خبّاز مقطع فيديو يظهر فيه عجين خبزٍ فاسد، موضحًا أن ثلاث حالات انقطاع للكهرباء في يومٍ واحد تسببت في تلف العجين، ما اضطره إلى التخلص منه بالكامل.
وشارك عامل بناء تسجيلًا يُظهر أكياس الإسمنت معلقة في الهواء على رافعة متوقفة، مشيرًا إلى أن انقطاع الكهرباء أوقف عملهم تمامًا.
وقال في الفيديو: "لم يمضِ على بدئنا أكثر من ساعة، وها نحن عاجزون عن المتابعة. لا يمكننا الوصول إلى الإسمنت، وتوقفت العملية بالكامل، ليس لنا فقط، بل للآخرين أيضًا".
لقد أرهقت العقوبات، وتقادم المنظومة، وسوء إدارتها، البنية التحتية للطاقة في إيران، حيث تواجه البلاد منذ سنوات انقطاعات كهربائية، لا سيما في أشهر الصيف التي يشهد فيها الطلب على الماء والكهرباء ارتفاعًا حادًا.
إلا أن الوضع يبدو قد ازداد سوءًا بعد الحرب التي دامت 12 يومًا مع إسرائيل، حيث أفاد الإيرانيون بزيادة تواتر وشدة انقطاع الكهرباء.
وتعاني المصانع والخدمات أيضًا؛ فقد ظهر أحد العمال في تسجيل وهو يقف أمام خط إنتاج متوقف قائلًا: "لا يمكننا القيام بأي شيء، لا توجد كهرباء".
وفي تسجيل آخر، ظهر متجر في سوق تبريز يعمل بمولد كهربائي خلال أحد الانقطاعات.
لم تؤثر الانقطاعات على الأعمال فحسب، بل طالت الحياة الاجتماعية والمنزلية أيضًا.
فقد صوّرت طالبة نفسها وهي تستخدم غلاية مياه تُسخَّن على موقد غاز لكيّ وشاحها، قائلةً: "لا توجد كهرباء، لكن طالما لدينا غاز، فنحن نبتكر طرقًا للتدبّر".
وأضافت بأسى: "إنه عام 2025، بينما تتمتع معظم الدول بكهرباء مستقرة، أستخدم غلايةً حرارية لكيّ وشاحي قبل الذهاب إلى الجامعة".
وفي تسجيل من مدينة الأهواز، وقف رجل في حرارة بلغت 122 درجة فهرنهايت (أي نحو 50 درجة مئوية)، يشتكي من انقطاع الكهرباء، ثم فتح صنبور ماء ليُظهر عدم وجود مياه جارية.
وحذر عضو في لجنة سوق الكهرباء وتبادل الطاقة في إيران من أن البلاد ستواجه انقطاعات كهرباء منظمة لمدة أربع سنوات أخرى على الأقل إذا استمرت الاتجاهات الحالية في العرض والطلب.
وقال علي شاه محمدي لصحيفة "شرق" في يونيو (حزيران): "القدرة الاسمية الإجمالية لشبكة الكهرباء الوطنية تبلغ 94,500 ميغاواط، لكن الإنتاج الفعلي لا يتجاوز 63,400 ميغاواط".
وأضاف: "على مدى السنوات الخمس الماضية، نما الطلب على الكهرباء بنسبة 5.5%، بينما لم تزد القدرة الإنتاجية سوى بنسبة 2.2% حتى عام 2024، وهو رقم يُبرز خطورة الأزمة".
حتى التنقّل اليومي من وإلى المنازل أو أماكن العمل المتأثرة لم يعد يمثل ملاذًا من الانقطاعات، إذ أظهر فيديو من مدينة مشهد ازدحامًا مروريًا كثيفًا ناجمًا عن تعطّل إشارات المرور الكهربائية.

أعادت الزيارة الأخيرة لعلي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، إلى روسيا ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين، تسليط الضوء على دوره الخفي في الجهاز الأمني والسياسة الخارجية للنظام الإيراني.
إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، وصف يوم الاثنين 21 يوليو (تموز) لاريجاني بأنه المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية، وحامل رسالة ومواقف إيران الاستراتيجية إلى بوتين.
وردًا على انتقادات بعض التيارات السياسية، قال بقائي إن زيارة لاريجاني إلى موسكو كانت إجراءً معتادًا، وإن وزارة الخارجية كانت على علم بها.
كانت صحيفة" التايمز" قد وصفت لاريجاني في يناير (كانون الثاني) الماضي بأنه "ممثل علي خامنئي"، وأفادت بأنه في الأشهر الأخيرة (قبل يناير)، سافر عدة مرات إلى روسيا في رحلات سرّية.
ويُظهر تتبّع مواقف وتحركات لاريجاني في الأشهر الماضية أنه، رغم رفض مجلس صيانة الدستور ترشحه مرتين للرئاسة منذ عام 2021، يسعى بهدوء لترسيخ دور جديد لنفسه داخل هيكل السلطة.
ويبدو أن إقصاء أبرز الوجوه العسكرية للنظام الإيراني، الذين كانوا يتمتعون بحضور واسع في الإعلام، أسهم أيضًا في بروز الحضور السياسي المتزايد للاريجاني.
وفي 17 يوليو (تموز)، شارك لاريجاني في هيئة دينية في خطوة نادرة وبمظهر مختلف عن المعتاد، وأعلن أنه "لا عجلة في التفاوض"، وأن "التفاوض مجرد تكتيك" يجب أن يتم بناءً على قرار المرشد الإيراني.
وفي مناسبات عدة مؤخرًا، دافع لاريجاني عن قدرات "قوى المقاومة في المنطقة"، وشنّ هجمات لفظية على أميركا وإسرائيل والأمم المتحدة.
وفي 29 يونيو (حزيران)، قال لاريجاني إن إسرائيل كانت تعتزم في بداية الحرب مهاجمة جلسة المجلس الأعلى للأمن القومي.
كما تحدث عن تلقيه رسالة تهديد واحتمال التفاوض مع دونالد ترامب، لكنه شدد على أنه بعد الحرب "لم يعد هناك أي ثقة بأميركا".
وخلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، اتخذ لاريجاني مواقف حادة ضد أميركا وإسرائيل والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأكد مرارًا أن رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، يجب أن يُحاسب.
وفي الأسابيع الأخيرة، أطلق لاريجاني مرارًا تهديدات بالانتقام والمواجهة مع أميركا وإسرائيل خلال تصريحاته الإعلامية.
وقبل اندلاع الحرب، كان حضور لاريجاني في الساحة الرسمية والعامة محدودًا نسبيًا.
ففي 13 مايو (أيار)، وأثناء مفاوضات إيران مع أميركا، قال إن إيران ليست القضية الوحيدة التي تشغل الغرب، وإن الضغوط تزداد بسبب قضايا إقليمية مثل الصين وفلسطين.
وأضاف أن الغربيين يستغلّون الوضع الاقتصادي في إيران لتقويض "رأس المال الاجتماعي" ويسعون إلى "تصفية حسابات" سياسية.
ويُعد لاريجاني أحد أبرز الشخصيات الرسمية في النظام الإيراني التي حذّرت علنًا في أبريل (نيسان) الماضي من أن إيران قد تتجه لصنع قنبلة نووية إذا هاجمت أميركا أو إسرائيل منشآتها النووية.
وجاءت هذه التصريحات بعد أن أفادت صحيفة "شرق" بأن لاريجاني كان أحد ثلاثة مرشحين من مكتب المرشد لقيادة مفاوضات مباشرة مع أميركا. وهو تقرير قوبل لاحقًا بردّ فعل من مراكز النفوذ في إيران، ما اضطر صحيفة "شرق" إلى نشر اعتذار رسمي.
كما نشرت صحيفة "فرهيختكان" تقريرًا أفاد بأن لاريجاني بدأ عودته إلى الساحة السياسية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من خلال زيارة إلى بيروت، نقل فيها رسالة من المرشد الإيراني، ومنذ ذلك الحين أصبح حضوره في المحافل الرسمية واللقاءات الدبلوماسية أكثر بروزًا.

بينما يعاني المواطنون في إيران انقطاعات متكررة للمياه والكهرباء لساعات طويلة يوميًا، عاد المسؤولون مرة أخرى لمطالبتهم "بترشيد الاستهلاك"، دون التطرق إلى عجز الحكومة عن إدارة الأزمة. وفي الوقت نفسه، حذّر خبراء من مخاطر "الطبقية" في الوصول إلى موارد الطاقة.
وأرسل عشرات المواطنين رسائل ومقاطع فيديو إلى "إيران إنترناشيونال"، يؤكدون فيها استمرار انقطاع المياه، ولمدة 24 ساعة كاملة أحيانًا.
ووصف مواطن من مدينة كرج، غرب طهران، في مقطع فيديو أرسله إلى "إيران إنترناشيونال"، الوضع الحالي بأنه "الرمق الأخير للنظام الإيراني".
وأكد نائب بوشهر في البرلمان الإيراني، جعفر بوركبكاني هذه الشكاوى، قائلًا: "إن السكان في بوشهر يحصلون على الماء لساعتين فقط كل 48 ساعة".
وأضاف: " الناس أرهقوا تمامًا"، مشيرًا إلى الانقطاعات الواسعة للكهرباء في حرارة تتعدى 48 درجة مئوية ورطوبة 98 في المائة.
وقال مواطن آخر من مدينة الأهواز، جنوب غرب إيران، إن "المدينة تشهد حرارة تفوق 50 درجة مئوية، ولا ماء ولا كهرباء".
أزمة مياه في 24 محافظة
قال المتحدث باسم قطاع المياه، عيسى بزرك زاده، يوم الاثنين 21 يوليو، إن 24 محافظة تعاني أزمة مائية حادة، على رأسها طهران والبرز، حيث يقطن أكثر من 20 مليون نسمة.
كما تعاني مدن مثل: أصفهان، وأراك، وساوة، وتبريز، وبانه، وبندر عباس أوضاعًا مشابهة.
وأشار بزرك زاده إلى أن معدلات الأمطار انخفضت بنسبة 40 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وقال مدير عام شركة المياه والصرف الصحي الإيرانية، هاشم أميني، إن أكثر من 53 مدينة تعاني أزمة مياه بسبب دخول البلاد عامها الخامس على التوالي من الجفاف.
وأضاف أميني أن المياه الجوفية هي أحد مصادر مياه الشرب والصرف الصحي، وقال: "يجب علينا استخدامها".
كان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد وصف أزمة المياه، في 19 يوليو (تموز) الجاري، بأنها "أخطر بكثير مما يُعلن رسميًا"، محذرًا من أن التأخر في اتخاذ الإجراءات سيجعل الحل مستحيلاً في المستقبل.
انخفاض حاد في مخزون السدود
تُظهر التقارير الرسمية انخفاضًا بنسبة 43 في المائة في كميات المياه، التي تدخل سدود البلاد.
قال بزرك زاده إن محافظات مثل سيستان وبلوشستان، وهرمزغان، وبوشهر، وخوزستان شهدت أكثر من 50 في المائة انخفاضًا في الأمطار.
وأضاف أن نسبة امتلاء السدود في طهران، بلغت 21 في المائة فقط.
وحذر مدير شركة المياه في هرمزغان من أن المخزون في السدود الرئيسة مثل "استقلال ميناب، وسرني، وشامل، ونيان شرق بندر عباس" قد وصل إلى الصفر، وهي السدود التي توفّر المياه لنحو مليون شخص.
كما حذّر مدير البيئة في محافظة أذربيجان الغربية من خطر جفاف تام في الجزء الشمالي من بحيرة أرومية؛ حيث لم يتبقَ سوى طبقة رقيقة من المياه بسمك 4 إلى 5 سم تغطي مساحة 100 كيلومتر مربع.
انقطاع المياه عن 47 ألف مشترك في طهران وإلقاء اللوم على المواطنين
رغم أن المسؤولين الحكوميين نفوا سابقًا انقطاع المياه عن العاصمة، فإن المتحدث باسم قطاع المياه اعترف بأن المياه قُطعت مؤقتًا عن 47535 مشتركًا وصفهم بـ "سيّئي الاستهلاك" في طهران، خلال الأشهر الأربعة الماضية.
كما أشار إلى وجود نحو 3000 مؤسسة حكومية في طهران عليها خفض استهلاك المياه بنسبة 25 في المائة، مع تهديد باتخاذ إجراءات ضد من لا يلتزم بذلك.
ورغم اعترافه بعدم القدرة على عدم فصل العدادات عن "سيّئي الاستهلاك"، حمّل بزرك زاده الناس المسئولية عن الاستهلاك المفرط.
البيانات تكشف: الاستهلاك المنزلي لا يتجاوز 10 في المائة
بحسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الطاقة، فإن الاستهلاك المنزلي لا يشكل سوى 6 إلى 10 في المائة من إجمالي استهلاك المياه في البلاد، بينما تعود الأزمة أساسًا إلى الإدارة السيئة في القطاعات الأكبر استهلاكًا.
وقالت الخبيرة البيئية، ناهيد فلاحي، لموقع "تجارت نيوز"، إن أزمة المياه ناتجة عن "سوء التخطيط وسوء الإدارة"، مضيفة: "لا تلقوا بالكرة في ملعب المواطنين".
وعلّق أحد المواطنين ساخرًا، في رسالة لـ "إيران إنترناشيونال": "نعيش في بلد لا يرحم شعبه، فكيف له أن يصنع قنبلة نووية ويرحم العالم؟".
تقليص ساعات العمل الرسمية
بسبب الحرارة الشديدة ونقص الماء والكهرباء، قررت الحكومة تقليص ساعات العمل في بعض المحافظات.
وأعلنت الحكومة أن يوم الأربعاء المقبل، 23 يوليو الجاري، عطلة في طهران، كما خُفضت ساعات العمل في كرمانشاه، ومركزي، وسيستان وبلوشستان من الساعة 6 صباحًا حتى 11 صباحًا فقط.
"المضخات والخزانات" سلع أساسية جديدة
قال الخبير في شؤون المياه، سعيد سليماني، إن سياسات وزارة الطاقة فشلت، وأدت إلى "طبقية في الوصول إلى المياه".
وأشار إلى أن أسعار مضخات المياه ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال أيام قليلة بسبب زيادة الطلب، وأن تجهيز منزل صغير بخزان ومضخة قد يكلف 65 مليون تومان.
وقال إن شركة المياه تطلب من الناس تركيب هذه المعدات، لكنها تفرض عليهم غرامات إن فعلوا ذلك.
وختم قائلًا: "سوق بيع المضخات والخزانات في طهران وصل حجم تجارتها إلى المليارات، مما يثير الشبهات، وإن ثبت يومًا أن شركة المياه تستفيد منه، فلن أُفاجأ".
وأشار إلى أن "الحكومة لا تدفع تكلفة مواجهة الجفاف، بل تُحمّل الأسر العبء، مما أدى إلى خلق طبقية في الماء والكهرباء، حيث يدفع المواطنون ثمن الفشل في الإدارة".

مع دخول إيران عامها الخامس من الجفاف المتواصل، تفاقمت أزمة المياه على نطاق واسع، وامتدت من القرى والمناطق الفقيرة حتى العاصمة طهران، حيث يواجه السكان نقصًا في الموارد المائية، وانخفاضًا في ضغط المياه، وانقطاعات متكررة.
وفي قرية "جنارلق" التابعة لمدينة خلخال بمحافظة أردبيل، شمال غرب إيران، يضطر السكان للخروج ليلاً؛ بحثًا عن المياه.
في يوم الجمعة 18 يوليو (تموز)، أكّد مدير إدارة المياه والصرف الصحي في مدينة "خلخال"، ساجد جعفر زاده، أنّ المنطقة تواجه توترًا شديدًا في إمدادات المياه، مشيرًا إلى أن قسمًا من مشروع تزويد المياه لم يكتمل بسبب نقص الميزانية.
وكل ذلك يتزامن مع شحّ غير مسبوق في الأمطار، وانخفاض كبير في منسوب السدود والمياه الجوفية، وعدم وجود سياسات فعالة لترشيد الاستهلاك، وهو ما يرسم مستقبلًا مقلقًا لأزمة المياه في البلاد.
وكان وزير الطاقة الإيراني، عباس علي آبادي، قد أعلن، يوم الأربعاء 16 يوليو (تموز) الجاري، أن طهران دخلت في مفاوضات مع 4 دول لاستيراد المياه.
وقال محافظ خراسان الشمالية، بهمن نوري، إن أزمة المياه تضرب قرى "راز" و"جركلان"، واعدًا بتحسين البنية التحتية، رغم أن تنفيذ أي خطة يتطلب مليارات التومانات.
أما النائب عن مدينة كرج في البرلمان الإيراني، علی رضا عباسی، فأكد في لقاء مع مديري شركة المياه الإقليمية بمحافظة البرز، يوم الخميس 17 يوليو، أن "الهجرة الكثيفة وتنفيذ مشاريع مثل نهضة الإسكان الوطنية تزيد من الضغط على مصادر المياه"، مضيفًا أن "كل مشروع مائي يجب أن يُراعى فيه البُعد السكاني والتنموي".
وشدد عباسي على أنه "رغم أن تأمين مياه الشرب له الأولوية، لكن لا ينبغي التضحية بالأمن الغذائي، فليس هناك دولة تتجاهل أمنها الغذائي حتى لو امتلكت وفرة في المياه".
وذكرت صحيفة "هم میهن" الإيرانية، يوم الخميس 17 يوليو، أن العاصمة طهران تشهد ما يُعرف بـ "تقنين غير معلن"، يتمثل في انخفاض ضغط المياه، والانقطاعات الليلية المتكررة، وتوصيات بشراء خزانات ومضخات مياه.
ورغم إعلان شركة المياه والصرف الصحي في طهران أنها لا تنوي قطع المياه رسميًا، فإن مديرها العام صرّح بأن "على المواطنين التفكير في شراء خزانات ومضخات".
وتزايدت الشكاوى من انقطاع المياه ليلاً، وعدم وصولها إلى الطوابق السفلية، مما أثار احتجاجات، خصوصًا في المناطق الجنوبية والهامشية من طهران، مثل "صالحية"، و"بیشوا"، و"نعمت آباد"، و"شهرك شریعتی".
وفي المقابل، لم تواجه المناطق الشمالية من طهران اضطرابات تُذكر، ما عزز شعور "التمييز" بين سكان جنوب العاصمة.
وأشارت "هم میهن"، نقلاً عن خبراء في قطاع المياه، إلى أن استمرار الاستهلاك على الوضع الحالي، وغياب البنية التحتية المناسبة، قد يؤدي إلى تقنين رسمي للمياه خلال الأسابيع المقبلة.
وصرّح المتحدث باسم قطاع المياه، عیسی بزرك زاده، بأن الأمطار خلال العام المائي الحالي انخفضت بنسبة 40 في المائة، مقارنة بالمتوسطات الطويلة الأجل، حيث تم تسجيل فقط 153 ملليمترًا من الأمطار.
وذكرت صحيفة "اطلاعات" أن ارتفاع درجات الحرارة تسبب في تبخر 75 في المائة من الأمطار، مما جعل جزءًا كبيرًا من المياه السطحية غير صالح للاستفادة.
ووفقًا للتقارير، فإنه من أصل نحو 260 مليار متر مكعب من الأمطار السنوية، لا يتجاوز الحجم القابل للاستخدام 85 مليار متر مكعب فقط. كما انخفض حجم الجريان السطحي في البلاد إلى أقل من 45 مليار متر مكعب، كما انخفضت تغذية المياه الجوفية إلى أقل من 40 مليار متر مكعب.
وأشارت الصحيفة إلى أن 55 في المائة من المياه المستهلكة في البلاد تأتي من المصادر الجوفية، والتي وصل العجز التراكمي فيها إلى نحو 145 مليار متر مكعب، وهو ما تسبب في هبوط الأراضي، والتصحر، وأزمات بيئية متزايدة.
أما السدود، فهي في وضع حرج. ففي طهران، لا تتجاوز نسبة امتلاء السدود 14 في المائة، وسد "لتيان" الذي تبلغ سعته 95 مليون متر مكعب، لا يحتوي إلا على 41 مليون متر مكعب فقط.
وحذّر وزير الطاقة، عباس علي آبادي، يوم الأربعاء 16 يوليو الجاري، من احتمال خروج سدود، مثل "ماملو" و"لتيان" و"لار"، من الخدمة قريبًا.
تداعيات الأزمة
إن انقطاع المياه لا يُؤثر فقط على الأسر، بل قد يؤدي إلى تعطيل المنشآت الإنتاجية، مما يزيد من معدلات البطالة.
كما أن أزمة المياه لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية خطيرة؛ إذ تؤدي إلى هجرة سكان الريف، وازدياد النزاعات المحلية على الموارد، وانخفاض الإنتاج الزراعي والصناعي.
ويحذر الخبراء منذ سنوات من أن استمرار هذا المسار قد يجعل العيش في أجزاء كثيرة من إيران شبه مستحيل، ويهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي.
ويمثل جفاف بحيرات مثل "أرومية"، و"زاینده رود"، و"هور العظیم" تهديدًا بيئيًا حقيقيًا.
ويُهدد انخفاض الجريان السطحي التنوع النباتي والحيواني، ويعرّض الأنظمة البيئية الحساسة للانقراض. ومع استمرار هذا الوضع، ستتسارع وتيرة التصحر، وهبوط الأراضي، وانتشار العواصف الترابية.

أصدرت منظمة الأرصاد الجوية في إيران تحذيرًا بشأن موجة حر جديدة وغير مسبوقة، من المتوقع أن تضرب مناطق واسعة من البلاد. ووفقًا للبيان، فإن هذه الموجة تبدأ اعتبارًا من يوم الجمعة 18 يوليو (تموز) وتستمر حتى الأحد 20 من الشهر ذاته.
وبحسب ما أعلنت المنظمة، فإن شدة الحرارة في بعض المناطق بلغت مستوى التحذير، وقد تشكل خطرًا جديًا على الصحة العامة، خاصة بالنسبة للفئات الحساسة.
وسُجّلت ذروة الحر يوم الجمعة خصوصًا في محافظات: طهران، قُم، ألبرز، النصف الجنوبي من سمنان، خراسان الشمالية، خراسان الرضوية، خراسان الجنوبية، خوزستان، النصف الشمالي من بوشهر، النصف الشرقي من فارس، أصفهان، ويزد.
ورغم موجة الحر الشديدة، فقد أعرب المواطنون في جنوب البلاد، وكذلك في محافظة "مركزي" عن استيائهم من الانقطاعات المتكررة للكهرباء، من خلال إرسال مقاطع فيديو إلى قناة "إيران إنترناشيونال"، مؤكدين أن انقطاع الكهرباء في ذروة حرارة الصيف يعطل حياتهم اليومية ويهدد صحة أسرهم.
وفي هذا السياق، قال صادق ضيائيان، رئيس المركز الوطني للتنبؤ وإدارة مخاطر الطقس التابع لمنظمة الأرصاد الجوية الإيرانية، في تصريح لوكالة "إيسنا" يوم الجمعة 18 يوليو، إن البلاد تشهد حالة صيفية كاملة، وإنه من غير المستبعد استمرار ارتفاع درجات الحرارة في معظم أنحاء إيران.
وأشار ضيائيان إلى أن شدة الحرارة تختلف من منطقة لأخرى، مؤكدًا أنه بحلول الأحد 20 يوليو الجاري، من المتوقع أن تصل درجة الحرارة في مدينة الأهواز إلى 49 درجة مئوية تقريبًا، وقد تسجل بعض المناطق في محافظة خوزستان درجات حرارة تصل إلى 50 درجة.
وعن طهران، قال ضيائيان: "ستبلغ درجة الحرارة في العاصمة نحو 40 درجة مئوية، يومي الجمعة والسبت، وقد تشهد بعض المناطق الجنوبية من محافظة طهران درجات حرارة أعلى قليلاً".
وكان المدير العام لأرصاد محافظة خوزستان، محمد سبزه زاري، قد أعلن يوم الخميس 17 يوليو الجاري، تسجيل درجات حرارة تفوق 50 درجة مئوية في تسع مدن من هذه المحافظة، حيث سُجّلت أعلى درجة حرارة في محطة الأرصاد الجوية بمدينة عبادان بـ 51.6 درجة مئوية، تلتها مدينة شوش بـ 51.4 درجة مئوية.
انقطاع الكهرباء بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة
أشار موقع "إكو إيران"، يوم الجمعة 18 يوليو، إلى أن هيئة الأرصاد الجوية قد أصدرت تحذيرًا أصفر إلى 15 محافظة بسبب الحرارة، لافتًا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء.
ونقل الموقع عن تقرير شركة إدارة شبكة الكهرباء الإيرانية أن الاستهلاك الكهربائي في الأيام الأخيرة تجاوز 74 ألفًا و640 ميغاواط بزيادة أكثر من 700 ميغاواط.
وحذر التقرير من أنه مع استمرار الموجة الحارة والتوقعات ببدء شهر أغسطس (آب) المقبل بدرجات حرارة أعلى، من المرجح أن يتم تحطيم الرقم القياسي لاستهلاك الكهرباء مجددًا.
وأشار التقرير إلى أن جهود الترشيد لم تؤتِ ثمارها، وأن أزمة الكهرباء في أيام الصيف الحارة تتفاقم.
وتزامنًا مع ذلك، واصل المواطنون من مناطق مختلفة في إيران إرسال مقاطع مصورة إلى "إيران إنترناشيونال" للتعبير عن استيائهم من انقطاع الكهرباء.
قال أحد سكان مدينة كرج ساخرًا من الانقطاعات المتكررة في مدينة "مهر شهر"، غرب طهران:
"ليت إسرائيل تهاجم، فقد كان لدينا كهرباء طوال حرب الأيام الاثنى عشر".
وقال مواطن آخر من "تشالوس"، شمال إيران، إن انقطاع الكهرباء لمدة ثلاث ساعات في قريته أدى إلى تعطل مضخة المياه وجعل الاتصال بالإنترنت مستحيلاً.
كما أشار أحد المتابعين إلى أن انقطاع الكهرباء في شارع رحيمي بمدينة باكدشت، مع الإيجارات المرتفعة للمحال التجارية هناك، جعل من العمل التجاري أمرًا مستحيلاً، وقال: "نحن نعيش في الجحيم".