الخارجية الإيرانية: التفاوض مع واشنطن في هذه الظروف لا معنى له.. وننسق مع جميع دول المنطقة

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن "طرح موضوع التفاوض مع واشنطن في هذه الظروف لا معنى له".

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن "طرح موضوع التفاوض مع واشنطن في هذه الظروف لا معنى له".
وأضاف بقائي، في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين 16 يونيو (حزيران): "كان على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يدين الهجوم الإسرائيلي على إيران، لكن للأسف تم التعامل معه بشكل سياسي ولم يتحقق ذلك".
وقارن المتحدث باسم الخارجية الهجوم الإسرائيلي على إيران بالهجوم الذي شنّه نظام صدام حسين في زمن الحرب العراقية-الإيرانية.
وتابع بقائي: "كان يجب على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أن تدين بوضوح هجوم إسرائيل، خاصة على منشآت نطنز النووية"، مشيرا إلى أن "تبرير العمليات الاستباقية من قبل إسرائيل لشن هجوم على إيران غير مقبول".
وأضاف أنه "يجب على الدول الأوروبية أن تركز جهودها على وقف هجمات إسرائيل"، مؤكدا: "نحن في تنسيق كامل مع جميع دول المنطقة".
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن "إسرائيل اعتدت علينا بدعم من الولايات المتحدة". مضيفا أن "ردّنا على هجوم إسرائيل يُعدّ دفاعًا مشروعًا عن النفس".
وقال إسماعيل بقائي: "الدعم الشامل من الولايات المتحدة والدول الغربية لإسرائيل قد وضع السلم والأمن في مواجهة تهديد غير مسبوق".
وأوضح أن حرب إسرائيل ليست ضد إيران فقط، بل هي ضد الشعب الإيراني بأسره. وجميع الدول التي دعمت إسرائيل تُعتبر شريكة في الجريمة ومتواطئة معها". مشيرا إلى أن "العديد من الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في الهجوم على إيران كانت منحة من الولايات المتحدة"، مؤكدا أن "الولايات المتحدة شريكة في كل قطرة دم تُسفك في إيران".
وختم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية تصريحاته بالتأكيد على أن "لدينا فتوى شرعية تمنع التوجه نحو تصنيع القنبلة النووية".
يُذكر أن الهجمات الجوية، التي شنها الجيش الإسرائيلي على مناطق متعددة في إيران، والتي أسفرت عن مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني وقادة عسكريين بارزين، ومشرفين على البرنامج النووي، ومراكز عسكرية تابعة للنظام الإيراني، بدأت فجر الجمعة 13 يونيو (حزيران) الجاري، فيما ردت إيران بقذف المدن الإسرائيلية بعشرات الصواريخ الباليستية ومئات الطائرات المسيرة.


أسفر الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران عن مقتل سعيد برجي، العضو البارز في منظمة "سبند" والمتخصص في صواعق المتفجرات، والذي لعب دورًا محوريًا في تطوير التقنيات المرتبطة بالانفجار في القنبلة النووية، خلال العقدين الماضيين.
وكان برجي، الحاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة "مالك أشتر" الصناعية، شخصية غير معروفة للعامة، لسنوات طويلة، لكنه كان عنصرًا أساسيًا في البرنامج النووي العسكري الإيراني. حيث يعتبر أحد أهم الشخصيات في المشروع التسليحي العسكري الإيراني.
وبدأ تعاونه مع الحرس الثوري الإيراني في ثمانينيات القرن الماضي، خلال الحرب العراقية- الإيرانية، واستمر في العقود التالية مشاركًا في مشاريع حساسة تتعلق بصناعة السلاح النووي.
ووفقًا للوثائق النووية، التي سُربت من إيران، فقد كان برجي أحد الأعضاء الرئيسين في المشروع السري المسمى "أماد"؛ وهو برنامج لتصميم وتصنيع السلاح النووي بدأ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتقول إيران إنه توقف في عام 2003.
وكانت قناة "إيران إنترناشيونال" قد نشرت تقريرًا مفصلاً عن نشاطات برجي في 6 أغسطس (آب) 2022.
إلا أن معلومات عديدة تشير إلى أن نشاطات برجي وزملائه استمرت بشكل سري بعد ذلك التاريخ ضمن هياكل، مثل منظمة "سبند" (وكالة بحث وتطوير تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية).
تطوير تقنيات الصواعق المتقدمة
شغل برجي لسنوات منصب رئيس مركز أبحاث تقنيات الانفجار والارتطام (متفاض)، وهو أحد المراكز التابعة لمنظمة "سبند". وقد لعب هذا المركز دورًا محوريًا في تطوير تقنيات صواعق متقدمة مثل الصواعق متعددة النقاط المتزامنة (MPI) والصواعق السلكية المتفجرة (EBW) المستخدمة في القنابل من نوع الانفجار الداخلي (implosion-type).
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن تصنيع هذه الصواعق يُعد جزءًا لا يتجزأ من الجهاز التفجيري النووي؛ حيث إن تشغيلها الدقيق والمتزامن ضروري لضغط البلوتونيوم أو اليورانيوم بشكل متناظر، وهو أمر أساسي في تصنيع القنبلة الذرية.
كما تعاون برجي مع خبراء أجانب، من بينهم العالِم الأوكراني، فياتشيسلاف دانييلينكو، المتخصص في البرنامج النووي الذي كان يتبع الاتحاد السوفييتي سابقًا، وتلقى تدريبات على تصميم غرف الانفجار، وشارك في تصميم غرف اختبار كبيرة للانفجار في موقع "بارتشين"، والتي استُخدمت لمحاكاة الانفجار الداخلي في القنبلة النووية.
وبحسب التقييمات الاستخباراتية، فقد كان موقع "آباده" في محافظة فارس أيضًا من المواقع، التي استخدمها برجي لاختبار الصواعق المتفجرة.
وفي عام 2019، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن هذا الموقع يُستخدم في أنشطة نووية مشبوهة. كما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية العثور على آثار لليورانيوم غير المعلن عنه في هذا الموقع.
وفي أعقاب هذه المعلومات، وضعت وزارة الخزانة الأميركية في عام 2019 سعيد برجي على قائمة العقوبات؛ لدوره المحوري في الجهود التسليحية النووية الإيرانية.
ووصف، البيان الذي صدر آنذاك بالتزامن مع فرض عقوبات على 13 فردًا و17 كيانًا مرتبطين بمنظمة "سبند"، برجي بأنه خبير في المتفجرات والمعادن ضمن مجموعة "شهيد كريمي".
إدارة شركات واجهة وتطوير عملي للصواعق النووية
بالإضافة إلى نشاطاته العلمية، تولّى برجي إدارة عدد من الشركات الواجهة المرتبطة بالمشاريع النووية؛ حيث ترأس مجالس إدارات شركات مثل "آذر أفروز سعيد" و"آروين كيميا ابزار" في السنوات الأخيرة، والتي كانت تُعلن أنها تعمل في مجالي النفط والبتروكيماويات، لكنها بحسب تقارير استخباراتية كانت تُستخدم كغطاء لأبحاث عسكرية تتعلق بالصواعق النووية.
كما تكشف الوثائق المسرّبة من البرنامج النووي الإيراني أن من ضمن نشاطاته المسجّلة نقل تجارب الانفجار إلى مواقع محصّنة مثل "سنجريان"، شرق طهران، وتعاونه في مشاريع سرّية داخل "المخطط 6 في بارتشين"؛ وهو موقع ورد ذكره في وثائق أمنية كموقع تُجرى فيه اختبارات شديدة الحساسية وسرية.
وكان لبرجي دور أساسي في مشاريع ما بعد "أماد"، وخصوصًا في الحفاظ على قدرات إيران وتوسيعها لتمكينها من استئناف برنامجها التسليحي النووي بسرعة إذا اقتضى الأمر. وكان من القلائل الذين تمكنوا من نقل المعرفة التقنية في تصنيع الصواعق النووية من النظري والتطوير إلى مستوى الاختبار والتنفيذ العملي.
ويُوصف برجي بأنه "رجل الصواعق النووية في إيران"؛ إذ شكّل حلقة الوصل بين الجيل الأول من العلماء النوويين والهياكل السرية الحالية للبحوث النووية العسكرية.
وبحسب التقارير، فإن التكنولوجيا، التي كانت تحت إشرافه، قد مكّنت إيران من توطين تصنيع الصواعق الانفجارية المتزامنة، ورفعها إلى المستوى التشغيلي.

شهد اليوم الثاني من الهجمات الإسرائيلية على إيران سلسلة من الانفجارات في ما لا يقل عن 7 محافظات، وسط تقارير عن مقتل عدد من عناصر الحرس الثوري.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية، يوم السبت 14 يونيو (حزيران)، أن الانفجارات طالت محافظات: أذربيجان الشرقية، إيلام، همدان، كرمانشاه، لرستان، جيلان، وخوزستان.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية مواقع في مدن عدة، من بينها: عبادان، كنغاور، دالاهو، بروجرد، موسيان، تبريز، مراغه، أشترينان، وتشمخاله.
كما أفادت تقارير باستهداف مدينة البرز الصناعية في محافظة قزوين، مصنع "فردا موتورز" في بروجرد، ومصنع للآلات في أشترينان بمحافظة لرستان.
ووثّقت فيديوهات، حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، لحظة الانفجار في قاعدة "الإمام حسن" العسكرية بمدينة كرمانشاه، بينما أكد مدير إدارة الأزمات في محافظة أذربيجان الشرقية، مجيد فرشي، أن أربع منشآت عسكرية قرب "تبريز" تعرضت للقصف الإسرائيلي.
ومن جانبها، أفادت وكالة "مهر"، المقربة من منظمة الدعاية الإسلامية، أن محيط مصفاة تبريز كان ضمن الأهداف.
وفي طهران، أظهرت فيديوهات متداولة تعرض مجمع الصناعات الدفاعية في منطقة حکيمیه (جاده تلو) لثلاث ضربات صاروخية، بالإضافة إلى تضرر أحد المباني في مطار مهر آباد نتيجة غارات إسرائيلية. وأكدت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية أن أجزاء من المطار استُهدفت فجر السبت.
ورغم إعلان حظر الطيران، بيّنت المقاطع المصورة استمرار مغادرة الطائرات المدنية من مطار مهر آباد، متجهة في الغالب نحو الشرق، بحسب شهود عيان.
كما استهدفت الغارات قاعدة عسكرية تابعة للنظام الإيراني في مدينة "ثلاث باباجاني" بمحافظة كرمانشاه.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن منشأة "نطنز" النووية قرب أصفهان تعرضت لعدة ضربات، يوم الجمعة 13 يونيو، لكنها لم تسجل حتى الآن أي تسرب إشعاعي خارج الموقع.
الرواية الإسرائيلية للهجمات
أعلن الجيش الإسرائيلي، يوم السبت، مواصلة عملياته ضد مواقع النظام الإيراني، مشيرًا إلى أن المرحلة التالية هي "العمل بحرية فوق أجواء طهران".
وقال المتحدث باسم الجيش إن إسرائيل عطّلت عددًا من منظومات الدفاع الجوي الإيرانية، واستهدفت أكثر من 150 موقعًا داخل إيران منذ يوم الجمعة، بينها عشرات منصات إطلاق الصواريخ.
وصرّح المتحدث باسم سلاح الجو الإسرائيلي بأن 70 طائرة حربية شاركت في عمليات ليلية بأجواء طهران، استهدفت نحو 40 موقعًا من بينها أنظمة دفاع جوي. وأشار إلى أن المقاتلات والطائرات المسيّرة الإسرائيلية حلّقت لمدة ساعتين ونصف الساعة تقريبًا فوق العاصمة دون اعتراض يُذكر، نتيجة الضربات الأولية على أنظمة الدفاع الجوي.
ومن جهته، أعلن ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، في جلسة طارئة لمجلس الأمن، أن بلاده استهدفت البرنامج النووي الإيراني في عملية استباقية.
وذكر راديو الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو سيواصل تنفيذ هجمات مخطط لها ضد أهداف في طهران.
وقد استمرت الهجمات حتى ساعات فجر اليوم السبت باستخدام الطائرات المُسيّرة، فيما كانت الدفاعات الجوية التابعة للنظام الإيراني تطلق نيرانها بشكل مكثّف.
مقتل عناصر من الحرس الثوري وشخصيات مرتبطة بالبرنامج النووي
نقلت وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، عن فرع "أنصار المهدي" في محافظة زنجان، أن ثلاثة عناصر من الحرس قُتلوا في الهجمات، وهم: دلاور أميرخاني، حميد طوماري، وأكبر عزيزي.
وفي محافظة همدان، أكد قائد الشرطة أن رئيس شرطة الأمن العام في مدينة أسدآباد، حبيب الله أكبريان، وأمير حسين سيفي، أحد الضباط، قُتلا صباح السبت إثر إصابة بطائرة مُسيّرة، وأُصيب ثالث بجروح.
وفي المقابل، أعلنت إسرائيل أن تسعة من القتلى كانوا من الخبراء الأساسيين في البرنامج النووي للنظام الإيراني، وشاركوا في تطوير القدرات النووية العسكرية.
وبحسب البيان الإسرائيلي، فإن القتلى هم: فريدون عباسي، محمد مهدی طهرانجي، سعید برجي، منصور عسكري، أمیر حسین فقهي، عبدالحمید منوجهر، أحمد رضا ذوالفقاري داریاني، علي بکایي کریمي، وأکبر مطلبي زاده.
وأضاف البيان أن هؤلاء كانوا أصحاب أدوار محورية وذوي معرفة تقنية متقدمة في تطوير برنامج الأسلحة النووية، ويتمتعون بخبرة تمتد لعقود.
رد النظام الإيراني واستهداف إسرائيل
أعلن الجيش الإسرائيلي أن سبعة جنود أصيبوا جراء سقوط صواريخ باليستية أُطلقت من إيران. وتشير تقارير إعلامية إلى أن الهجمات الإيرانية من مساء الجمعة حتى ظهر السبت أسفرت عن ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى داخل إسرائيل.
وأكدت شبكة "كان" الإسرائيلية أن سلاحي الجو والبحر دمّرا عشرات الطائرات المسيّرة التي أُطلقت من إيران.
وبحسب التقارير، فقد أصابت إحدى الصواريخ مباني سكنية في مدينة رمت غن قرب تل أبيب، ما أدى إلى دمار واسع وانهيار بعض المباني، بينما لحقت أضرار جسيمة بأخرى.
وقد أعلنت إسرائيل إغلاق مطار بن غوريون الدولي حتى إشعار آخر، وفرضت حالة الطوارئ في عموم البلاد بعد الهجوم الإسرائيلي الموسع يوم الجمعة، الذي استهدف إحباط امتلاك النظام الإيراني السلاح نووي.
وفيما زعمت وسائل الإعلام الرسمية في إيران أنها أسقطت عدة مقاتلات إسرائيلية من طراز F-35، نفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية سقوط أي طائرة إسرائيلية داخل إيران.
ووجّه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تهديدًا مباشرًا إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، محذرًا إياه من أن استمرار إطلاق الصواريخ باتجاه المدنيين الإسرائيليين سيؤدي إلى إحراق طهران.
وفي المقابل، نقلت وكالة تابعة للحرس الثوري عن أحد مسؤولي النظام الإيراني تهديدًا بمواصلة الهجمات على جميع المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.

صرّح مسؤول إسرائيلي، لقناة "إيران إنترناشيونال"، بأن جيش بلاده استهدف فقط "الأهداف العسكرية والمرتبطة بالنظام" بدقة، في هجماته الأخيرة على إيران.
وقال هذا المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، يوم السبت 14 يونيو (حزيران) لـ "إيران إنترناشيونال"، إن إسرائيل "سترد لترسيم حدود واضحة"، في أي حالة يقوم فيها النظام الإيراني باستهداف المدنيين، كما حدث ليلة أمس، بحسب تعبيره.
وأكد هذا المسؤول الإسرائيلي أنه "حتى في مثل هذه الحالات، فإن إسرائيل لن تستهدف المدنيين الإيرانيين".
ووفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن هجمات النظام الإيراني على إسرائيل أسفرت حتى الآن عن مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة عشرات آخرين بجروح.
وفي تعليق له على هذه الهجمات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن النظام الإيراني "تجاوز الخطوط الحمراء، وسيدفع ثمنًا باهظًا جراء استهدافه للمناطق السكنية والمدنية في إسرائيل".
وفي الوقت نفسه، أكد ستة مسؤولين كبار في النظام الإيراني وعضوان من الحرس الثوري لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن النظام لم يكن يتوقع هجومًا إسرائيليًا، قبل جولة جديدة من المحادثات النووية في عُمان، وهو ما أدى إلى أضرار جسيمة، بسبب هذا الخطأ في التقدير.
ومن جهة أخرى، أفاد موقع "هرانا" الحقوقي، في تقرير، بأن الغارات الجوية، التي شنها الجيش الإسرائيلي على إيران، طالت ما لا يقل عن 12 محافظة، وأسفرت عن أضرار في المناطق السكنية والمدنية، بالإضافة إلى الأهداف العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن المناطق السكنية المتضررة كانت في الغالب "مناطق إسكانٍ منظمة" (أي مناطق سكنية تابعة للجهات الحكومية أو العسكرية).
وبحسب تقرير "هرانا"، فإن عدد الضحايا حتى الآن بلغ ما لا يقل عن 146 قتيلاً و532 مصابًا، من بينهم 35 امرأة وطفلاً تأكد مقتلهم.
وأضاف التقرير أن الهجمات الإسرائيلية خلال الساعات الـ 24 الماضية تم الإبلاغ عنها في محافظات: أذربيجان الشرقية، أذربيجان الغربية، أردبيل، أصفهان، إيلام، طهران، خوزستان، فارس، كردستان، كرمانشاه، مركزي، وهمدان.
وأشار إلى أن الأسلحة المستخدمة شملت صواريخ باليستية، وصواريخ كروز تُطلق من الجو، وطائرات مُسيّرة انتحارية. ومع ذلك، لم يُصدر المسؤولون الإسرائيليون حتى الآن أي تفاصيل عن نوعية الأسلحة المستخدمة في هذه العملية العسكرية.
وذكر "هرانا" أنه عقب هذه الهجمات، أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، "تقييدًا مؤقتًا للإنترنت بسبب الظروف الخاصة التي تمر بها البلاد"، كما أعادت حظر تطبيق "واتساب"، الذي كان قد رُفع الحظر عنه في يناير (كانون الثاني) 2025.
وذكر الموقع أن "هذا الإجراء أدى إلى تعطيل جدي في نشاط وسائل الإعلام المستقلة، ونقل بيانات الإغاثة، والوصول الفوري إلى المعلومات".
ويُذكر أن الهجمات الجوية، التي شنها الجيش الإسرائيلي على مناطق متعددة في إيران، والتي أسفرت عن مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني وقادة عسكريين بارزين، ومشرفين على البرنامج النووي، ومراكز عسكرية تابعة للنظام الإيراني، بدأت فجر أمس الجمعة 13 يونيو الجاري.

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن استمرار المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة "غير مبرر"، ما دامت الهجمات الإسرائيلية متواصلة.
وفي حديثه إلى رئيسة الوزراء الإستونية، كايا كالاس، وصف عراقجي الهجمات الإسرائيلية بأنها "نتيجة للدعم المباشر من واشنطن"، مؤكدًا أن "استمرار المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، في ظل استمرار وحشية النظام الصهيوني، أمر لا يمكن تبريره".
ومن جهته، صرّح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، ردًا على أسئلة الصحافيين بشأن وضع المفاوضات، بأن "التركيز الرئيس في الوقت الراهن ينصب على مواجهة عدوان العدو".
وأعلن بقائي أن المشاركة في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة "لا معنى لها"، ما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية على إيران.
وأضاف بقائي، على غرار عراقجي، أن الولايات المتحدة شاركت في الهجمات الإسرائيلية، بما في ذلك استهداف المنشآت النووية السلمية لإيران، قائلاً: "في مثل هذا الوضع، وطالما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية، فإن المشاركة في محادثات مع طرف هو الداعم الأكبر والمتواطئ مع الطرف المعتدي أمر لا معنى له".
وكان بقائي قد أُعلن، في وقت سابق، أن الجولة السادسة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة ستُعقد يوم الأحد 25 يونيو (حزيران) في مسقط.
وكان مقررًا أن تقدّم إيران ردّها على الاقتراح الخطي، الذي تقدم به دونالد ترامب، وهو اقتراح وصفته واشنطن بأنه "خارطة طريق"؛ للتوصل إلى اتفاق، إلا أن مسؤولي النظام الإيراني قالوا إن الاقتراح لم يتضمن حق إيران في التخصيب النووي.

استهدفت الهجمات الإسرائيلية البنية التحتية للقيادة العسكرية التابعة للنظام الإيراني، مما وضع طهران في موقف ضعيف مع خيارات محدودة للرد، ومن بين هذه الخيارات حرب شاملة لا تملك إيران القدرة عليها ولا احتمال للانتصار فيها.
وقدمت هذا التقييم وكالة "رويترز"، يوم السبت 14 يونيو (حزيران)، بناءً على آراء أربعة مسؤولين أمنيين في المنطقة.
ورفعت الهجمات الإسرائيلية المستمرة على إيران والضربات الصاروخية للنظام الإيراني على إسرائيل، التي بدأت مساء الجمعة 13 يونيو، المواجهة بين العدوين اللدودين إلى مستوى غير مسبوق. وهي مواجهة كانت تدور لسنوات في الخفاء، ثم تصاعدت بعد هجوم الحليف الإيراني، حركة حماس، على إسرائيل عام 2023.
ووفقًا لمصادر أمنية إقليمية، فمن غير المرجح أن تتمكن إيران من تنفيذ هجمات بفاعلية الهجمات الإسرائيلية نفسها، حيث إن قدراتها الصاروخية وشبكتها العسكرية في المنطقة قد تدهورت بشدة، منذ بداية حرب غزة، بفعل الهجمات الإسرائيلية المتكررة.
وذكرت وكالة "إرنا" الإيرانية أن طهران أطلقت مئات الصواريخ الباليستية على إسرائيل، ردًا على الهجمات، لكن الجيش الإسرائيلي أفاد بأن عدد الصواريخ كان أقل من 100، وأن معظمها تم اعتراضه أو لم يصب الهدف. وبلغ عدد القتلى في هذا الهجوم ثلاثة أشخاص، بينما وصل عدد الجرحى، حسب آخر الأنباء، إلى 172 شخصًا.
وبحسب المصادر الأمنية، فإن قادة إيران، الذين يشعرون بالإذلال والقلق الشديد على بقائهم، لا يستطيعون أن يظهروا ضعفًا أمام الضغط العسكري الإسرائيلي؛ وهو ما يزيد من خطر تصاعد الصراع، بما في ذلك هجمات خفية ضد إسرائيل أو حتى الخيار المحفوف بالمخاطر المتمثل في محاولة تسريع صنع قنبلة نووية.
ويؤكد الخبراء أن انسحاب إيران من معاهدة عدم الانتشار سيكون خطوة جادة وإشارة إلى تسريع تخصيب اليورانيوم إلى مستوى صنع الأسلحة.
وقال الباحث في مركز كارنيغي في بيروت، مهند الحاج علي، لوكالة "رويترز": "إذا استسلموا، فقد فقدوا بقاءهم. عليهم توجيه ضربة قوية لإسرائيل، لكن خياراتهم محدودة. أعتقد أن خيارهم التالي سيكون الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)".
وأضاف: "إن الهجوم الإسرائيلي كان ضخمًا، استهدف أسماء بارزة وقتل قادة كبارًا، وألحق ضررًا جسيمًا بالقيادة العسكرية للنظام الإيراني وبرنامجها الصاروخي، وهو أمر غير مسبوق".
ماذا عن نتائج المفاوضات؟
لم تعلن طهران بعد ما إذا كانت ستشارك في الجولة السادسة من المفاوضات المتوقفة مع الولايات المتحدة، والمقرر عقدها يوم الأحد، 15 يونيو، في سلطنة عُمان.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، يوم السبت 14 يونيو، أن طهران لا يمكنها الاعتقاد بأن إسرائيل "ارتكبت مثل هذه الأعمال العدوانية في المنطقة دون تنسيق أو موافقة مسبقة من الولايات المتحدة"، مضيفًا: "ما زال من غير الواضح ما القرار، الذي سنتخذه يوم الأحد بهذا الشأن".
والجدير بالذكر أن النفوذ الإقليمي للنظام الإيراني تراجع؛ بسبب الهجمات الإسرائيلية على وكلائها: حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات في العراق، بالإضافة إلى سقوط نظام حليفها المقرب بشار الأسد في سوريا.
كما استهدفت العقوبات الغربية صادرات النفط الإيراني، بينما ينهار الاقتصاد تحت وطأة أزمات متعددة، منها انهيار قيمة العُملة، والتضخم الجامح، ونقص الطاقة والمياه.
وقال المحلل الإقليمي، سَركيس نعوم، لوكالة "رويترز": "لم يعد الإيرانيون قادرين على الرد عبر الوكلاء، بعدما قام الإسرائيليون بتفكيك إمبراطورية إيران قطعة قطعة، وهم يدمرونها شيئًا فشيئًا.. والآن بدأوا يزرعون الشكوك الداخلية حول عدم قابليتها للهزيمة. هذه ضربة قاصمة".
الخيار النووي
قال رئيس مركز دراسات الخليج العربي، عبد العزيز الساجر: "إن إيران قد دُفعت إلى زاوية الحلبة ولم يتبق أمامها سوى خيارات محدودة".
وأضاف: "قد يكون أحد هذه الخيارات تقديم ضمانات سرية بوقف التخصيب وتفكيك البرنامج النووي، حيث إن أي تراجع معلن قد يُثير رد فعل داخليًا حادًا".
وأشار إلى أن الخيار الآخر فقد يكون العودة إلى الحرب السرية، على غرار التفجيرات، التي استهدفت سفارات ومنشآت عسكرية أميركية وإسرائيلية في ثمانينيات القرن الماضي.
وتابع: "أما الخيار الثالث والأكثر خطورة، فهو الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وتسريع برنامج التخصيب".
وحذر الساجر من أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة إعلان حرب، ومن المحتمل أن تثير رد فعل دوليًا شديدًا "ليس فقط من إسرائيل، بل من الولايات المتحدة والقوى الغربية أيضًا"، على حد قوله.
وبحسب مصدرين إقليميين، فقد قُتل ما لا يقل عن 20 قائدًا رفيع المستوى في الهجمات الإسرائيلية، بينهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، وقائد الحرس الثوري، حسين سلامي، وقائد القوة الجو- فضائية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده.
وفي المقابل، أوضحت المحللة السابقة في الموساد والباحثة الحالية في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، سيما شاين، أن إسرائيل لا تستطيع بمفردها تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل.
وأضافت: "لذا، إذا لم تدخل الولايات المتحدة الحرب، فمن المرجح أن يبقى جزء من المشروع النووي الإيراني قائمًا".
زلزال في أركان السلطة
بحسب مسؤول إقليمي رفيع المستوى مقرّب من النظام الإيراني، فإن الهجمات الإسرائيلية، يوم الجمعة 13 يونيو، لم تُلحق فقط أضرارًا استراتيجية، بل هزّت أركان نظام الحكم في إيران.
وقال هذا المسؤول لوكالة "رويترز": "لقد حلّت الحيرة والقلق محلّ العناد، وخلف الأبواب المغلقة، هناك خوف عميق من التهديدات الخارجية، وكذلك من انهيار السيطرة الداخلية".
وأضاف: "لقد انتشرت موجة من الذعر بين قادة البلاد. هناك خوف يتجاوز مجرد تهديد المزيد من الهجمات، إنه الخوف من الاضطرابات الداخلية".
ومن جهته، أكد مسؤول سابق في النظام الإيراني أن مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بأمر من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في ولايته الأولى عام 2020، كان بداية الانهيار.
وأوضح أنه منذ ذلك الحين، فشلت إيران في استعادة نفوذها الإقليمي، ولم تعد الأمور كما كانت أبدًا، مضيفًا: "قد تكون هذه الضربة بداية النهاية".
وحذّر من أن أي احتجاجات داخلية ورد فعل قمعي من النظام قد يأتي بنتائج عكسية، خاصة مع استمرار الغضب الشعبي المتراكم؛ بسبب العقوبات والتضخم والقمع المستمر لسنوات.
ومن جهته تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في رسالة مصورة بعد الهجمات، وقال إنه يسعى لتغيير النظام في إيران، ووجّه رسالة للشعب الإيراني: "نحن لا نحاربكم، نحن نحارب الديكتاتورية القاسية التي قمعتكم طوال 46 عامًا. أؤمن بأن يوم حريتكم قريب".
ويُعتقد أن طموح تغيير النظام قد يكون وراء استهداف عدد كبير من القادة العسكريين الكبار، وهي خطوة يبدو أنها أربكت الأجهزة الأمنية للنظام الإيراني.
وأضافت المحلّلة سيما شاين لـ "رويترز": "هؤلاء القادة كانوا شخصيات محورية، خدموا لسنوات طويلة في مناصبهم، وكانوا جزءًا أساسيًا من استقرار النظام، خاصة على الصعيد الأمني."
وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية بمقتل اثنين على الأقل من المسؤولين عن البرنامج النووي الإيراني، هما فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي، في الهجمات الإسرائيلية.
الإمبراطورية المتهاوية
أصبح حزب الله اللبناني، أقوى وكلاء النظام الإيراني في المنطقة، في موقف لا يسمح له بالرد على الهجمات، التي تستهدف إيران.
وفي الأيام التي سبقت الهجمات على إيران، كشفت مصادر أمنية مقربة من حزب الله، لوكالة "رويترز"، أن الحليف الإيراني لن يشارك في أي رد انتقامي، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى هجوم إسرائيلي آخر على لبنان.
وقد أضعفت الضربات، التي شنتها إسرائيل ضد حزب الله، العام الماضي، قوته بشكل كبير، حيث قُتل قادته، وفُقد آلاف من مقاتليه، ودُمّرت أجزاء واسعة من قواعده في جنوب لبنان وضواحي بيروت.
ويمكن أن تمتد المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل بسرعة إلى الدول الخليجية الواقعة في خط النار بين العدوين، والتي تستضيف قواعد عسكرية أميركية.
ويقول المحللون إن ترامب قد يستخدم تبعات الهجمات الإسرائيلية لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، لكن هذه المرة في ظل ظروف أكثر عزلةً لإيران وإجبارها على تقديم تنازلات أكبر.
وقال نعوم لـ "رويترز" في هذا الصدد: "شيء واحد واضح: إمبراطورية إيران تنهار. هل لا يزال بإمكانهم تحديد شروط هذا التراجع؟ ربما، لكن ليس عسكريًا. فلم يتبقَ سوى خيار واحد فقط: المفاوضات".